بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اجتماعاً ثانياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض مساء الثلاثاء، في لقاء يأتي في أقل من 24 ساعة من اجتماعهما الأول، وسط تقارير متطابقة من وسائل إعلام عالمية تؤكد ممارسة ترامب “ضغطاً شديداً” على نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
كشفت شبكة سكاي نيوز البريطانية، نقلاً عن مصدرين مطلعين على مفاوضات وقف إطلاق النار، أن ترامب “يعتزم ممارسة ضغوط كثيفة على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة”. وقال مصدر أمريكي: “بدأ الضغط الأمريكي على إسرائيل، والليلة سيكون شديداً”. كما أكد مصدر دبلوماسي شرق أوسطي، نقلاً عن سكاي نيوز، أن الضغط الأمريكي سيكون قوياً.
خلفية اللقاء وسياقه الزمني
عُقد الاجتماع الثاني بين الزعيمين في الجناح الغربي من البيت الأبيض حوالي الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش، حيث وصل نتنياهو دون تغطية إعلامية لوصوله، وفقاً لما أوردته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية. ومن المتوقع أن يستمر الاجتماع لنحو ساعتين، مع احتمال إدلاء نتنياهو وترامب بتصريحات علنية لاحقاً.
قال ترامب قبيل الاجتماع: “سنتحدث تقريباً فقط عن غزة، علينا أن نحل هذه المشكلة”. وأضاف: “غزة مأساة. هو (نتنياهو) يريد حلها، وأنا أريد حلها، وأعتقد أن الطرف الآخر (حماس) يريد حلها أيضاً”.
مصادر الضغط الأمريكي
تشير التقارير الإعلامية إلى أن مصادر الضغط الأمريكي متعددة، حيث أعربت مصادر مطلعة عن قلق ترامب من تأثير استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على صورته السياسية، خاصة في أوساط القاعدة الجمهورية المحافظة التي بدأت تُبدي تحفظاً متزايداً تجاه تداعيات الحرب الإنسانية والاقتصادية.
وفقاً لتقارير سابقة من صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية، فإن الرئيس الأمريكي يمارس “ضغطاً شديداً” على نتنياهو لإنهاء الحرب على قطاع غزة منذ فترة، حيث “بدأ قبل الهجوم على إيران، واستؤنف فور انتهائه”.
التطورات في مفاوضات الدوحة
يتزامن هذا الضغط الأمريكي مع تقدم ملحوظ في مفاوضات الدوحة، حيث أعلن المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن عدد نقاط الخلاف في مفاوضات وقف إطلاق النار تقلّص من أربع إلى واحدة فقط. وقال ويتكوف: “آمل بأننا سنصل إلى اتفاق حتى نهاية الأسبوع، يشمل هدنة لمدة 60 يوماً، وإطلاق سراح 10 أسرى أحياء، واستعادة جثامين 9 قتلى”.
النقطة الخلافية المتبقية
وفقاً لمصادر في الوفد الإسرائيلي، فإن الخلاف الرئيسي يتعلق بانسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من قطاع غزة، وتحديداً محور موراج الواقع جنوب خان يونس. حيث تُصر إسرائيل على البقاء في محور موراج والمنطقة الواقعة جنوبه، بينما تطالب حماس بانسحاب كامل من القطاع.
أفادت قناة الحدث السعودية أن إسرائيل تعتزم إبقاء محور موراج تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي في جميع الأحوال، كما أعلنت نيتها إنشاء “مدينة إنسانية” على أنقاض رفح، بهدف تجميع سكان غزة وفصلهم عن حماس.
موقف حماس والمرونة المحدودة
سلّمت حركة حماس الوسطاء ردها على مقترح وقف إطلاق النار، ووصفت ردها بأنه “اتسم بالإيجابية”، مؤكدة “جاهزيتها بكل جدية للدخول فوراً في جولة مفاوضات حول آلية تنفيذ” المقترح. غير أن مكتب نتنياهو أعلن رفض إسرائيل لتعديلات الحركة.
الدور الأمريكي والضمانات المطلوبة
يلعب ستيف ويتكوف دوراً محورياً في هذه المفاوضات، حيث من المقرر أن يغادر إلى الدوحة فور انتهاء الاجتماع الثاني لترامب ونتنياهو. وأكد مصدر وُصف بالمطلع أن وصول ويتكوف إلى المنطقة سيساهم في اتخاذ قرارات سواء عبر الضغط على حماس أو إسرائيل.
وفقاً لموقع “أكسيوس” الأمريكي، فإن أحد الخلافات التي تم حلها يتعلق بمطالب حماس الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة بأن لا تستأنف إسرائيل الحرب من جانب واحد بعد انتهاء وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً. وقد أرسل ويتكوف رسالة إلى حماس تتضمن أن ترامب “ملتزم بتمديد وقف إطلاق النار إذا استمرت المفاوضات”.
التحديات أمام نتنياهو
يواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة من عدة جهات، فبينما يضغط ترامب لإنهاء الحرب، يواجه نتنياهو معارضة من الأحزاب اليمينية المتطرفة في حكومته التي تهدد بالانسحاب في حال الموافقة على اتفاق ينهي الحرب. كما يُعتقد أن نتنياهو يخشى من مواجهة محاكمات الفساد التي قد تنهي رئاسته للحكومة في حال انتهاء الحرب.
التصريحات والمواقف العلنية
في تصريحات من الكابيتول عقب اجتماعه برئيس مجلس النواب، قال نتنياهو: “آمل أن نتجاوز العتبة وننجز الصفقة”. وردّاً على سؤال حول التقدّم في المفاوضات، أضاف: “وافقنا على مقترح ويتكوف. اقتربنا منه، وآمل أن نصل قريباً” إلى اتفاق.
من جانبه، أكد ترامب أنه “سيكون حازماً جداً” خلال لقائه مع نتنياهو من أجل إنهاء الحرب في قطاع غزة. وقال للصحافيين: “نأمل أن يحدث ذلك، ونتطلع لحدوثه الأسبوع المقبل. نريد إخراج المحتجزين”.
السياق الإقليمي والأهداف الأوسع
تأتي هذه الضغوط في سياق رؤية ترامب للمنطقة بعد الهجوم على إيران، حيث يسعى لاستغلال زخم النصر العسكري لتحقيق تسويات سياسية أوسع. وتشير تقارير إلى أن ترامب يريد الإعلان عن مشاورات لتوسيع الاتفاقات الإبراهيمية، وهي النقطة التي يركز عليها للضغط على نتنياهو لقبول صفقة إنهاء الحرب مقابل “صفقة متعددة الأطراف” أوسع نطاقاً.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
أشادت قطر بالتقدم في المفاوضات، مؤكدة أن المحادثات في الدوحة تركز على وضع إطار للمحادثات، لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية أكد أن “الأمر سيستغرق وقتاً”. كما حذّر من أن التسريبات الإعلامية المتكررة تعد تصرفات غير مسؤولة قد تؤثر سلباً على التقدم










