استهداف جديد في جنوب لبنان يُصعد التوتر رغم وجود اتفاق وقف إطلاق النار
في خرق جديد لاتفاقية وقف إطلاق النار السارية منذ نوفمبر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي مساء أمس الثلاثاء، نجاح غارة جوية استهدفت حسين حسين علي مزهر، الذي وصفه بأنه “مسؤول إدارة النيران في قطاع الزهراني التابع لوحدة بدر في حزب الله”. وقعت الغارة في منطقة البابلية بجنوب لبنان، وأسفرت عن مقتل الهدف المطلوب حسب البيان العسكري الإسرائيلي.
تفاصيل العملية وهوية المستهدف
وفقاً لبيان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإن حسين علي زهر كان يضطلع بـ”دور مركزي في التخطيط لإطلاق قذائف صاروخية متعددة باتجاه الأراضي الإسرائيلية”. وأضاف البيان أن المستهدف “انشغل في الفترة الأخيرة بمحاولات إعادة ترميم وحدات المدفعية التابعة لحزب الله في جنوب لبنان”.
أعلنت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أنه “سُجلت سلسلة غارات إسرائيلية على بلدة البابلية، بينها غارة بصاروخين اثنين، استهدفا سيارة”. كما “سُجل تحليق للمسيرات الإسرائيلية على علو منخفض فوق البابلية”.
موقع البابلية الاستراتيجي
تقع بلدة البابلية في قضاء صيدا بمحافظة الجنوب، وتبعد حوالي 62 كيلومتراً عن العاصمة بيروت. ترتفع البلدة حوالي 200 متر عن سطح البحر وتمتد على مساحة تُقدر بـ 1273 هكتاراً. يُعتبر موقع البابلية ذا أهمية استراتيجية كونه يقع ضمن نطاق عمليات وحدة بدر التابعة لحزب الله.
وحدة بدر في الهيكل العسكري لحزب الله
تُعد وحدة بدر إحدى أبرز التشكيلات العسكرية في حزب الله، وهي مسؤولة عن المنطقة الممتدة من شمال نهر الليطاني حتى مدينة صيدا. يقود الوحدة حالياً أبو علي رضا عباس، المعروف أيضاً بلقب “الحاج أبو حسين باريش”.
أبو علي رضا، البالغ من العمر 60 عاماً، ينحدر من بلدة باريش في قضاء صور جنوب لبنان. يُصنف ضمن الجيل الثالث من قيادات حزب الله، وتلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران. نجا في تسعينيات القرن الماضي من محاولة اغتيال مع إبراهيم عقيل.
تصعيد مستمر رغم اتفاق وقف النار
تأتي هذه الغارة في إطار سلسلة مستمرة من الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024. ونص الاتفاق على وقف الأعمال العدائية من كلا الطرفين، وانسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها.
رغم الاتفاق، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات شبه يومية في مناطق لبنانية مختلفة، خاصة في الجنوب، تقول إنها تستهدف عناصر في حزب الله أو مواقع له. تخطى عدد الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار عتبة الـ 4000 خرق، مما أسفر عن سقوط أكثر من 245 شهيداً وجرح 609 أشخاص.
ردود الفعل والتداعيات
وصف الجيش الإسرائيلي أنشطة حسين علي مزهر بأنها شكلت “خرقاً فاضحاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”. وأكد أن “جيش الدفاع سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل”.
من جانبه، حذر الرئيس اللبناني جوزيف عون من أن “انتهاك إسرائيل للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار يهددان الاستقرار في جنوب لبنان”. وأشار إلى أن استمرار “الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وعدم الانسحاب من التلال الخمسة، وعدم إعادة الأسرى اللبنانيين، يشكل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701”.
التزامن مع الزيارة الأمريكية
تزامنت الغارة مع الجولة التي يقوم بها الموفد الأمريكي توماس برّاك في لبنان، حيث ناقش الأوضاع العامة مع المسؤولين اللبنانيين. ولم يقدم برّاك أي ضمانات للبنان بعدم حصول اعتداءات إسرائيلية على الأراضي اللبنانية، تاركاً حل مسألة سلاح حزب الله إلى اللبنانيين.
السياق الإقليمي الأوسع
في نفس اليوم، نفذت إسرائيل غارة أخرى استهدفت سيارة في منطقة العيرونية قرب مدينة طرابلس شمالي لبنان، أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 13 آخرين. زعم الجيش الإسرائيلي أن الهدف كان “شخصية مؤثرة” في حركة حماس، بينما نفت الحركة صحة هذه المزاعم.
هذا التصعيد يأتي في إطار استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى منع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية في جنوب لبنان. وتكرر إسرائيل أنها ستواصل العمل “لإزالة أي تهديد” ضدها، ولن تسمح للحزب بإعادة ترميم قدراته بعد الحرب التي تلقى خلالها خسائر كبيرة.










