شهدت دائرة الإرشاد التابعة لمديرية الاستثمار في مرفأ اللاذقية في 13 يوليو 2025، حادثة فصل جماعي طالت عشرات الموظفين، معظمهم من أبناء الطائفتين العلوية والمرشدية، وسط اتهامات بوجود خلفيات طائفية وراء القرار.
وبحسب المعلومات المتاحة، فإن نحو 40 موظفاً من أصل 73 يعملون في الدائرة تم منعهم من دخول المرفأ، وتمت مطالبتهم بتسليم بطاقاتهم الوظيفية تحت حراسة مسلحة. جاء القرار بتوجيه مباشر من مدير الاستثمار الجديد في المرفأ، القبطان محمد الطرابلسي، والذي نُسب إليه تصريح مثير للجدل قال فيه: “لن أترك علوي في المديرية”.
خصائص الحدث وردود الفعل
أبدى عدد من زملاء الموظفين المفصولين من الطائفة السنية استياءهم من القرار، واعتبروه مجحفاً وتمييزياً، إلا أنهم أكدوا عدم قدرتهم على التدخل. وتشمل الحالات اللافتة فصل مهندس من الطائفة المرشدية معروف بكفاءته المهنية، سبق أن عمل على مشاريع هندسية معقدة في المرفأ، وتم فصله دون مبرر واضح رغم سجله المهني النظيف.
أثارت الحادثة ردود فعل غاضبة في أوساط الموظفين، واعتُبرت من قبل بعض العاملين في المرفأ “جريمة إدارية ذات طابع طائفي”. وتأتي هذه الأحداث في سياق أوسع من التحديات التي تواجه الطوائف المختلفة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
السياق الأوسع لفصل الموظفين في سوريا
الأرقام والمؤسسات المتأثرة
تندرج أحداث مرفأ اللاذقية ضمن موجة واسعة من فصل الموظفين في مختلف المؤسسات السورية. أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى فصل أكثر من 100 ألف موظف من المؤسسات الرسمية، منهم 1,580 في الخطوط الحديدية، و12 ألفاً في قطاعَي الصحة والتربية ومرفأ اللاذقية. كما تم فصل 3 آلاف معلم من الخدمة، بينما قامت شركات المنتجات الحديدية بإيقاف 500 عامل عن العمل لأجل غير مسمى.
الأسباب المُعلنة والخفية
تُبرر الإدارة السورية الجديدة هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى “إعادة هيكلة” المؤسسات الحكومية ومعالجة “الترهل الوظيفي” الذي خلفه النظام السابق. وزير المالية محمد أبا زيد أشار إلى أن 400 ألف موظف “شبح” يتقاضون رواتبهم دون حاجة لوجودهم. ومع ذلك، تشير تقارير متعددة إلى أن جانباً من عمليات الفصل يستهدف أفراداً من الطائفة العلوية والأقليات الأخرى بشكل تمييزي.
الطبيعة الطائفية للقرارات استهداف الطائفة العلوية
أفادت منظمات حقوقية بأن عدداً من الموظفين والعاملين من الطائفة العلوية تم فصلهم بشكل تعسفي من وظائفهم في بعض المعامل والمنشآت الصناعية. شملت قرارات الفصل عدة شركات ومعامل غذائية وصناعية، دون توضيح رسمي للأسباب، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي وعدم دفع الرواتب لعدد من القطاعات الحكومية.
التمييز في التوظيف
يشتكي مواطنون، ولا سيما في منطقة الساحل السوري، من رفض مؤسسات حكومية طلبات توظيف تقدم بها أفراد من الطائفة العلوية والأقليات، في وقت تم فيه قبول متقدمين آخرين من الطائفة السنية رغم تقارب مؤهلاتهم وخبراتهم. وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن عدداً من المتقدمين إلى وظائف في مرفأ اللاذقية من الطائفة العلوية قد استوفوا جميع الشروط المعلنة، إلا أنه تم رفضهم، في حين تم تعيين متقدمين من طائفة أخرى في الوظائف ذاتها.
الإطار القانوني والاستجابة الرسمية
غياب الأسس القانونية
اعتبر المحامي محمد المهايني فصل الموظفين من قبل حكومة تصريف الأعمال غير شرعي، موضحاً أنه لا يستند إلى مادة قانونية، بل يتم عبر مديري المؤسسات الجدد الذين عيّنتهم الإدارة السورية الجديدة. وأضاف أن من يملك حق طرد الموظف من عمله هو رئيس مجلس الوزراء، بناءً على أسباب يتم توضيحها في القرار.
الاستجابة الحكومية
أعلنت وزارة التنمية الإدارية في الحكومة السورية الانتقالية بدء تنفيذ إجراءات إعادة العاملين المفصولين من قبل النظام السابق بسبب مشاركتهم في الثورة السورية. وتم استكمال دراسة ملفات المتقدمين من وزارة التربية، حيث بلغ عدد الطلبات 22,644، وتم الانتهاء من معالجة 14,646 طلباً.










