تسلم الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأحد 20 يوليو 2025 التقرير النهائي للجنة الوطنية المستقلة المكلفة بالكشف والتحقيق في أحداث الساحل السوري. تأتي هذه الخطوة بعد أكثر من أربعة أشهر من التحقيقات المكثفة التي أجرتها اللجنة لفهم ملابسات الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري في مارس الماضي.
خلفية الأحداث والسياق
شهدت مناطق الساحل السوري أحداثا دامية بين 6 و10 مارس 2025، حيث هاجمت مجموعات من مؤيدي وفلول نظام بشار الأسد بشكل منسق ومتزامن مواقع عسكرية ومدنية للحكومة السورية الجديدة. تركزت معظم الهجمات والاشتباكات اللاحقة في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وأسفرت عن مقتل مئات الأشخاص، بما في ذلك مدنيون وعناصر من قوات الأمن.
وفقا لتوثيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتل ما لا يقل عن 803 أشخاص خلال هذه الفترة، بينهم 39 طفلا و49 امرأة. وتشير تقارير أخرى إلى أرقام أعلى، حيث ذكر تحقيق لوكالة رويترز أن العدد الإجمالي للقتلى وصل إلى 1479 علويا من الطائفة العلوية.
تشكيل اللجنة ومهامها
استجابة لهذه الأحداث المأساوية، أصدر الرئيس أحمد الشرع في 9 مارس 2025 قرارا يقضي بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق. تضم اللجنة سبعة أعضاء هم: القاضي جمعة الدبيس العنزي، والقاضي خالد عدوان الحلو، والقاضي علي النعسان، والقاضي علاء الدين يوسف لطيف، والقاضي هنادي أبو عرب، والعميد عوض أحمد العلي، والمحامي ياسر الفرحان.
أنيطت باللجنة مهام شاملة تشمل:
الكشف عن الأسباب والظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث
التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها
التحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة ورجال الأمن والجيش
إحالة المتورطين في الجرائم والانتهاكات إلى القضاء
مسار عمل اللجنة
بدأت اللجنة عملها الميداني في 14 مارس 2025، حيث توجه أعضاؤها إلى محافظة اللاذقية وأجروا لقاءات مع جهات رسمية وأمنية. وخلال فترة عملها، دونت اللجنة أكثر من 300 إفادة من سوريين وسوريات تعرضوا لانتهاكات، كما تلقت أكثر من 30 بلاغا صوتيا ومكتوبا.
تم تمديد عمل اللجنة في أبريل 2025 لثلاثة أشهر إضافية غير قابلة للتمديد، وذلك بناء على طلب اللجنة نفسها لضرورة استكمال عملها وفق المعايير المعتمدة. وقد زارت اللجنة جميع المناطق التي شهدت أحداث عنف، بما في ذلك جبلة والقرداحي وبانياس وطرطوس.
التعاون مع الجهات الدولية
في إطار ضمان الشفافية والحيادية، اجتمعت اللجنة مع اللجنة الدولية للتحقيق في سوريا التابعة للأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وفريق المبعوث الأممي إلى سوريا. هذا التعاون الدولي يعكس التزام اللجنة بالمعايير الدولية في التحقيق وتقصي الحقائق.
مطالب دولية بالشفافية
قبيل تسلم التقرير، طالبت منظمة العفو الدولية في 9 يوليو 2025 السلطات السورية بنشر النتائج الكاملة لتحقيقاتها حول عمليات القتل في الساحل السوري. وقالت نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المنظمة كريستين بيكيرلي: “يجب على الرئيس أحمد الشرع الالتزام بنشر النتائج الكاملة لتحقيق لجنة تقصي الحقائق وضمان تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة”.
التزام الرئاسة السورية بالعدالة والمساءلة
في بيان أصدرته الرئاسة السورية عقب تسلم التقرير، أكدت أن اللجنة “أنشئت لضمان سير سوريا في مسار لا تشكل فيه أي انتهاكات أو محاولات لطمس الحقيقة جزءا من مستقبل سوريا”. وأعربت الرئاسة عن تقديرها للجهود المخلصة التي بذلها أعضاء اللجنة.
التزمت الرئاسة السورية بفحص النتائج الواردة في التقرير “بدقة وعناية تامتين لضمان اتخاذ خطوات من شأنها الدفع بمبادئ الحقيقة والعدالة والمساءلة ومنع تكرار الانتهاكات”. هذا الالتزام يعكس إرادة سياسية جدية لمعالجة تداعيات هذه الأحداث المؤسفة.










