أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن الوضع الإنساني في قطاع غزة وصل إلى مستويات كارثية، حيث يموت الناس جوعاً بينما تتوفر المساعدات الغذائية على الحدود في انتظار الدخول. وأكد البرنامج أن القتلى من منتظري المساعدات لم يفعلوا سوى محاولة الحصول على غذاء وهم على شفا المجاعة، في إشارة إلى المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.
مجزرة جديدة بحق منتظري المساعدات
في تطور مأساوي جديد، قُتل 73 فلسطينياً على الأقل وأُصيب أكثر من 150 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية في قطاع غزة يوم الأحد. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الحصيلة شملت 67 قتيلاً في شمال قطاع غزة و6 آخرين أمام مركز توزيع تديره مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً.
وأفادت مصادر طبية أن القوات الإسرائيلية فتحت النار باتجاه الآلاف من الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون دخول شاحنات المساعدات الإنسانية قرب منطقة السودانية شمال غرب مدينة غزة، حيث وصف شهود عيان المشهد بأنه “حشود الموت” التي تجمعت للحصول على كسرة خبز أو كيس دقيق.
إحصائيات مفجعة لضحايا الجوع
كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن أرقام صادمة حول ضحايا “مجازر المجوعين”، حيث بلغ عدد الضحايا من الفلسطينيين الذين قُتلوا أثناء محاولة الوصول للغذاء إلى 995 شهيداً و6,011 مصاباً و45 مفقوداً منذ 27 مايو 2025. وأوضح البيان أن هؤلاء الضحايا سقطوا بسبب الاستهداف المباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي أو نتيجة مضاعفات الجوع ونقص الرعاية الصحية.
في السياق ذاته، أعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل 18 حالة وفاة جديدة خلال 24 ساعة بسبب المجاعة التي يعيشها سكان القطاع، ليرتفع إجمالي الوفيات جراء الجوع إلى 86 شخصاً بينهم 76 طفلاً منذ مارس الماضي.
برنامج الأغذية العالمي يحذر من كارثة إنسانية
أكدت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، أن “العائلات في غزة تتضور جوعاً بينما لدى البرنامج ما يكفي من الغذاء على الحدود لإطعام أكثر من مليون شخص لمدة أربعة أشهر”. وأضافت ماكين: “ومع ذلك، لا يمكننا إيصاله إليهم بسبب تجدد الصراع والحظر التام للمساعدات الإنسانية المفروض في أوائل مارس”.
وحذرت من أن “المجاعة لا تأتي فجأة” مؤكدة ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل، قائلة: “إذا انتظرنا حتى يتم تأكيد حدوث المجاعة، فسيكون الوقت قد فات بالفعل بالنسبة للكثير من الناس”.
واقع مأساوي على الأرض
تشير التقارير إلى أن واحد من بين كل 3 أشخاص في قطاع غزة لا يتناول الطعام لمدة أيام متواصلة، في حين يعاني 90% من السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وأفادت المصادر الطبية أن نحو 17,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما يواجه 600 ألف طفل دون سن العاشرة خطراً حقيقياً على حياتهم.
وقال كارل سكاو، مدير العمليات في برنامج الأغذية العالمي، الذي زار مدينة غزة مطلع يوليو: “الوضع هو الأسوأ الذي رأيته في حياتي”. وأضاف: “قابلت أباً فقد 25 كيلوغراماً خلال الشهرين الماضيين. الناس يتضوّرون جوعاً، بينما الطعام موجود على بُعد أمتار خلف الحدود”.
انهيار المنظومة الغذائية
تعكس الأرقام الرسمية حجم الكارثة الإنسانية، حيث أن 7 مخابز فقط من أصل 19 مخبزاً لا تزال تعمل بدعم من الشركاء الإنسانيين في غزة، فيما أُغلقت بقية المخابز بسبب نقص الدقيق والوقود. وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية من أن المخابز التي تعد شريان حياة لمئات آلاف الفلسطينيين الجوعى على وشك الإغلاق بسبب نقص الدقيق والوقود.
وأشارت التقارير إلى أن سعر الدقيق أصبح أعلى بـ3000 مرة مما كان عليه قبل اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، مما يجعل الحصول على الخبز أمراً شبه مستحيل للعائلات الفقيرة.
تحديات الوصول الإنساني
رغم الحاجة الماسة، تواجه المنظمات الإنسانية عقبات جمة في إيصال المساعدات. فقد أعلنت وكالة الأونروا أن لديها ما يكفي من الغذاء لجميع سكان غزة لأكثر من ثلاثة أشهر مخزنة في المستودعات، بما في ذلك المخزون في العريش بمصر، في انتظار الدخول.
وطالبت الوكالة بـ“فتح البوابات ورفع الحصار للسماح للأونروا بالقيام بعملها ومساعدة المحتاجين، من بينهم مليون طفل”. كما أكدت أن “اللوازم متوفرة والأنظمة في مكانها” لكن الحصار يمنع وصولها للسكان.
دعوات دولية عاجلة
في ضوء تفاقم الأوضاع، يناشد برنامج الأغذية العالمي المجتمع الدولي وكل الأطراف تسهيل إيصال المساعدات الغذائية للجائعين في غزة، مؤكداً أن إطلاق النار على منتظري المساعدات يعكس الظروف الخطيرة للعمل الإنساني في غزة.
وحذر البرنامج من أن تأخير وصول المساعدات يعني المزيد من الأرواح المفقودة، داعياً إلى إعادة فتح جميع المعابر وضمان الوصول الآمن للمساعدات الإنسانية. وأكدت الأمم المتحدة أن “التجويع لا يجوز استخدامه كسلاح حرب” وأن “السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق هو التزام قانوني وأخلاقي على جميع الأطراف”.










