أطلق الأزهر الشريف نداءً عالميًا عاجلاً في 22 يوليو 2025، بصوت فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، يستصرخ فيه ضمائر العالم الحية للتحرك الفوري لإنقاذ أهل غزة من المجاعة القاتلة التي يفرضها الاحتلال بوحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
الوضع الإنساني المأساوي: أرقام صادمة
يقف الضمير الإنساني اليوم على المحك وهو يشهد آلاف الأطفال والأبرياء يُقتلون بدم بارد. ومن ينجو منهم من القتل يلقى حتفه بسبب الجوع والعطش والجفاف، ونفاد الدواء، وتوقف المراكز الطبية عن إنقاذهم من موت محقق.
وفقاً للإحصائيات الموثقة:
أكثر من 72 طفلاً استشهدوا نتيجة سوء التغذية، منهم أكثر من 30 خلال الـ48 ساعة الماضية فقط
أكثر من 70 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد
حوالي 60 ألف امرأة حامل تكابد الجوع والجفاف، منهن 11 ألف حالة حرجة تواجه خطراً مباشراً على الحياة
نحو 350 ألف مريض من ذوي الأمراض المزمنة مهددون بسبب النقص الحاد في الأدوية والعلاجات
40 مريضاً يومياً يستشهدون، خاصة بين مرضى السرطان والفشل الكلوي
جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان
أكد شيخ الأزهر أن ما يمارسه الاحتلال البغيض من تجويع قاتل ومتعمد لأهل غزة المسالمين – وهم يبحثون عن كسرة من الخبز أو كوب من الماء – ويستهدف بالرصاص الحي مواقع إيواء النازحين ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية، لهو جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.
وحذر من أن من يمد هذا الكيان بالسلاح أو يشجعه بالقرارات أو الكلمات المنافقة، فهو شريك له في هذه الإبادة، وسوف يحاسبهم الحكم العدل والمنتقم الجبار يوم لا ينفع مال ولا بنون.
تاريخ النضال الأزهري المستمر
منذ تولي الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر في 19 مارس 2010، واصل الأزهر دوره التاريخي في دعم القضية الفلسطينية. فقد أصدر البيانات العديدة منددة بالعدوان، ووصف شهداء المقاومة الفلسطينية بـ”الأبطال المرابطين”, ورفض وصفهم بالإرهابيين.
كما صرح شيخ الأزهر في مناسبات عديدة أن ما يحدث في غزة ليس حرباً بل إبادة جماعية لا مثيل لها, وأن أقدار شعب غزة شاءت أن يلقى ربه شهيداً وشاهداً على جرائم الإبادة والمحرقة الجماعية.
الموقف الثابت والرسالة الواضحة
في لقائه الأخير مع الوفد الفلسطيني في 8 يوليو 2025، أكد شيخ الأزهر: “نحن في حالة حزن شديد بسبب ما آلت إليه الأوضاع في غزة، ونتابع بأسى بالغ تزايد أعداد الشهداء يومياً، وحالة الدمار التي فاقت حدود الخيال”.
وأضاف: “ندعو الله أن يعجل بنهاية سريعة لهذه المأساة التاريخية التي لم نرَ مثلها من قبل، وأن يمكن الشعب الفلسطيني من حقوقه وأرضه ومقدراته”.
الدعوة للتحرك العالمي والمسؤولية المشتركة
استصرخ الأزهر الشريف القوى الفاعلة والمؤثرة أن تبذل أقصى ما تستطيع لصد هذا الكيان الوحشي وإرغامه على وقف عمليات القتل الممنهجة، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل فوري، وفتح كل الطرق لعلاج المرضى والمصابين.
وأعلن الأزهر براءته أمام الله من هذا الصمت العالمي المريب، ومن تقاعس دولي مخز لنصرة هذا الشعب الأعزل، ومن أي دعوة لتهجير أهل غزة من أرضهم.
رسالة تاريخية لا تقبل التأويل
جاء في البيان الختامي: “وعلى هؤلاء الذين يساندونهم أن يتذكروا جيداً الحكمة الخالدة التي تقول: أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض”, في إشارة واضحة إلى عواقب التواطؤ مع الظلم.
وحمّل البيان كل داعم لهذا العدوان مسؤولية الدماء التي تسفك، والأرواح التي تزهق، والبطون التي تتضور جوعاً في غزة الجريحة, مختتماً بالآية الكريمة: “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
صدى النداء والتفاعل العالمي
أطلق مرصد الأزهر لمكافحة التطرف حملة دولية بعنوان “غزة تحتضر.. فهل من مجيب؟” بعشر لغات منها العبرية, واستجابت مؤسسات دينية وعلماء من أنحاء العالم الإسلامي للنداء، بما في ذلك علماء العراق الذين ناشدوا الأزهر لفتح معبر رفح, والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أصدر فتوى بوجوب كسر الحصار.
هذا البيان يمثل صرخة ضمير من أعرق المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، ووثيقة تاريخية تسجل موقف الأزهر الشريف الثابت في نصرة المظلومين ومناهضة الظلم أينما كان، مؤكداً أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية إنسانية وأخلاقية تمس الضمير العالمي.










