في تطور مهم على الساحة الفقهية المصرية، أكد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف المصري، أن الحشيش حرام
كحرمة الخمر سواء بسواء، محذرًا من التهاون في هذا الباب أو محاولة تسويغ تعاطيه بأي صورة من الصور.جاء هذا التأكيد في رد واضح وحاسم على تصريحات الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، التي أثارت جدلاً واسعًا بعد قولها إن الحشيش لا يحتوي على نص شرعي يحرمه.
تصريحات سعاد صالح التي أثارت الجدل
خلال ظهورها في بودكاست “السر” مع الإعلامية إيمان أبو طالب، أكدت الدكتورة سعاد صالح أن تدخين الحشيش يُعتبر جائزًا شرعًا لعدم تأثيره على العقل كالخمور. وأشارت إلى أن هذه الآراء تأتي بناءً على رؤية فقهية تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة للأفراد.
وأوضحت صالح أن الحشيش لا يندرج ضمن المحرمات الشرعية بشكل قاطع، مبررة ذلك بغياب نصوص دينية صريحة تحرمه ما لم يؤدِ إلى تغييب كامل للعقل مثلما تفعل الخمر.
رد وزير الأوقاف الحاسم
في منشور عبر حسابه على فيسبوك، شدد الدكتور أسامة الأزهري على أن الادعاء بأن الحشيش حلال هو خطأ فادح، لا سيما إذا صدر عن شخصيات عامة أو أكاديمية، لأن في ذلك تضليلًا للرأي العام، وفتحًا لأبواب الانحراف والإدمان.
“لن أطيل بذكر تفاصيل الحكم الشرعي في حُرمته، وإنما أكتفي بالإشارة إلى ما سطّره علماء الإسلام الراسخون، ومنهم الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه زهر العريش في تحريم الحشيش، وكذلك العلامة السيد عبد الله بن الصدِّيق في كتابه واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن.”
— الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف
المراجع العلمية في تحريم الحشيش
كتاب “زهر العريش في تحريم الحشيش”
يُعد كتاب “زهر العريش في تحريم الحشيش” للإمام بدر الدين الزركشي (ت 794هـ) من أهم المراجع التي تناولت تحريم الحشيش بأسلوب علمي رصين.
كتاب “واضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن”
ألف العلامة السيد عبد الله بن الصديق الغماري (1910-1993م) هذا الكتاب المهم، والذي طُبع عدة مرات، وبيّن فيه بالأدلة القاطعة أن الحشيش والخمر في ميزان الشريعة سواء من حيث التحريم والإثم.
موقف المؤسسات الدينية والطبية
رد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي
أصدر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بياناً رسمياً رد فيه على تصريحات الدكتورة سعاد صالح، مؤكداً أن الحشيش يحتوي على مادة “THC” الفعالة المصنفة كمادة مهلوسة تؤدي إلى اضطرابات نفسية.
وكشف البيان أن أكثر من 50% من المرضى المتقدمين للعلاج من الإدمان عبر الخط الساخن المجاني للصندوق (16023) كانوا قد بدأوا رحلتهم الإدمانية بتعاطي الحشيش.
موقف دار الإفتاء المصرية
أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يَحْرُم شرعًا تناول المخدِّرات وتعاطيها بجميع أنواعها، والاتجار فيها؛ لما فيها من الأضرار.
وقال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: “الحشيش حرام على الإطلاق، وتناوله بأى طريقة حتى لو لم يسكر، والعلة من تحريم الخمور والمخدرات، هى أنها تسبب ذهاب العقل.”
الأدلة الشرعية على تحريم الحشيش
الأدلة من القرآن الكريم
- قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]
- قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]
- قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]
الأدلة من السنة النبوية
- حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل مسكر خمر، وكل خمر حرام”
- حديث أم سلمة رضي الله عنها: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر”
- حديث: “لا ضرر ولا ضرار”
الأضرار الصحية للحشيش
التأثير على الدماغ والجهاز العصبي
أشارت الدراسات الطبية إلى أن الحشيش يؤثر على الدماغ بشكل كبير، حيث يؤدي تعاطيه على المدى البعيد إلى ضمور في الدماغ وإضرار بالوظائف العقلية للمدمن.
التأثير على الجهاز التنفسي
يسبب تدخين الحشيش مشاكل صحية عديدة مثل تليف الرئة، الإصابة بالربو، والتهاب شديد في الجهاز التنفسي. كما يحتوي دخان الحشيش على مركبات الأمونيا وسيانيد الهيدروجين.
التأثير على القلب والجهاز الدوري
يؤدي تعاطي الحشيش إلى زيادة معدل ضربات القلب أربعة أضعاف المعدل الطبيعي، فضلاً عن انخفاض قدرة الدم على حمل الأكسجين مما يؤثر على جميع أعضاء الجسم.
إجماع العلماء على التحريم
نقل الإمام ابن تيمية والإمام القرافي الإجماع على تحريم الحشيش. وقال ابن تيمية: “ومن استحل الحشيش فقد كفر”، مضيفاً أنها لم تتكلم فيها الأئمة الأربعة لأنها لم تكن في زمنهم.
كما نصّ الإمام البدر العيني في “البناية” على الإجماع قائلاً: “وقع إجماع المتأخرين رحمهم الله على تحريم أكله”.
تحذيرات من الترويج للحشيش
شدد وزير الأوقاف على أن الاستسهال في تعاطي الحشيش أو الترويج لتحليله هو جريمة شرعية وأخلاقية ومجتمعية، وأن الإثم يتضاعف إذا كان المتعاطي ممن يقود مركبة أو وسيلة نقل عام.
وأشار إلى أن من يرتكب هذه المعصية ثم يتجرأ على الادعاء بأن الحشيش حلال، إنما يتحمل وزر تضليل الناس، وتقويض الضوابط التي تحمي المجتمعات من الفوضى والانهيار الأخلاقي والصحي.
الموقف الدولي من الحشيش
أكدت الأمم المتحدة في تقاريرها أن الحشيش يُصنف كأكثر المواد المخدرة انتشاراً في العالم. كما تحذر من قيادة المركبات تحت تأثير الحشيش، مؤكدة أن نسبة حوادث السير تزداد بثلاثة أضعاف لدى من يتعاطونه.
