رفض وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الإجابة بشكل مباشر على سؤال حول طموحاته السياسية للترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2028، مفضلاً بدلاً من ذلك الإشارة إلى نائب الرئيس الحالي جيه دي فانس كمرشح مثالي للحزب الجمهوري.
موقف روبيو المتحفظ من الطموحات الرئاسية
عندما وُجه سؤال مباشر لوزير الخارجية حول خططه المستقبلية للترشح في انتخابات 2028، تجنب ماركو روبيو الإجابة المباشرة واتخذ موقفاً دبلوماسياً حذراً. بدلاً من الحديث عن نفسه، وجه الأضواء نحو نائب الرئيس جيه دي فانس، قائلاً: “أعتقد أن جيه دي فانس سيكون مرشحاً رائعاً لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة عن الحزب الجمهوري“.
هذا الموقف المتحفظ من روبيو يعكس الحساسية السياسية المحيطة بمناقشة الانتخابات الرئاسية لعام 2028، خاصة وأن الرئيس دونالد ترامب لا يزال في بداية ولايته الثانية. كما يُظهر هذا التصريح مدى الولاء الذي يكنه روبيو لإدارة ترامب والتماسك داخل الفريق الجمهوري الحاكم.
فانس يتصدر استطلاعات الرأي المبكرة
تأتي تصريحات روبيو المؤيدة لفانس في وقت تُظهر استطلاعات الرأي المبكرة جيه دي فانس كمرشح جمهوري مهيمن لانتخابات 2028. وفقاً لاستطلاع أجرته كلية إيمرسون، يحظى فانس بدعم 46% من الناخبين الجمهوريين، متقدماً بفارق كبير على أقرب منافسيه.
يأتي ماركو روبيو في المركز الثاني بنسبة 12%، يليه حاكم فلوريدا رون ديسانتيس بنسبة 9%. تُظهر هذه الأرقام تطوراً ملحوظاً مقارنة بالاستطلاعات السابقة، حيث ارتفعت شعبية فانس من 30% في نوفمبر 2024 إلى 46% حالياً، مما يؤكد ترسخ مكانته كخليفة محتمل لترامب.
دعم ترامب لكلا المرشحين
سبق أن أشار الرئيس دونالد ترامب إلى كل من فانس وروبيو كمرشحين محتملين لخلافته. في مقابلة مع شبكة إن بي سي في مايو 2025، قال ترامب: “انظروا إلى ماركو، انظروا إلى جيه دي فانس الرائع”، مشيراً إلى أن كليهما من الشخصيات المؤهلة لقيادة البلاد.
وصف ترامب فانس بأنه “شاب لامع” وأشاد بقدراته القيادية، بينما أكد في الوقت نفسه أنه لا يرغب في التدخل المباشر في العمليات الانتخابية المستقبلية. هذا الموقف المتوازن من ترامب يعكس رغبته في الحفاظ على وحدة الحزب الجمهوري وعدم إثارة منافسة مبكرة بين أعضاء إدارته.
العلاقة الشخصية بين ترامب وفانس
كشف ترامب في مقابلات سابقة عن طبيعة علاقته الشخصية مع نائب الرئيس جيه دي فانس، موضحاً كيف تطورت هذه العلاقة من التشكيك إلى الثقة المطلقة. قال ترامب: “كانت هناك دائماً كيمياء جيدة بيننا. في البداية، لم يكن جي دي معجباً بي، لكنه لم يكن يعرفني. وبعد ذلك، عندما تعرفنا على بعضنا البعض، صار يحبني، ربما أكثر من أي شخص آخر”.
أشار ترامب إلى أن كتاب فانس “مرثية قروية” لعب دوراً مهماً في فهمه لشخصيته وتوجهاته السياسية، خاصة فيما يتعلق بقضايا الطبقة العاملة الأمريكية. هذا الفهم المتبادل ساهم في بناء علاقة قوية بين الرجلين، مما عزز من مكانة فانس كخليفة محتمل.
المسار السياسي لماركو روبيو
يتمتع ماركو روبيو بمسيرة سياسية طويلة وخبرة واسعة في مجال السياسة الخارجية، مما يجعله مرشحاً قوياً محتملاً لانتخابات 2028. وُلد روبيو عام 1971 في ميامي لعائلة كوبية مهاجرة، وحصل على شهادة في القانون من جامعة ميامي.
خدم في مجلس الشيوخ الأمريكي منذ عام 2011، ويُعتبر من أبرز خبراء السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري. ترشح روبيو للرئاسة في انتخابات 2016 كمنافس لترامب، لكنه خسر في الانتخابات التمهيدية وأصبح فيما بعد من أقوى مؤيدي ترامب وسياساته.
صعود جيه دي فانس السياسي
جيه دي فانس، البالغ من العمر 40 عاماً، يُعتبر من أبرز الوجوه الصاعدة في الحزب الجمهوري. وُلد في ميدلتاون بولاية أوهايو عام 1984، وخدم في سلاح مشاة البحرية الأمريكية قبل أن يحصل على شهادة في القانون من جامعة ييل.
اشتهر بكتابه “مرثية قروية” الذي تحدث فيه عن معاناة الطبقة العاملة البيضاء في أمريكا. انتُخب فانس لمجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو في عام 2022 بدعم من ترامب، واختاره الأخير نائباً له في انتخابات 2024. يُوصف فانس بأنه محافظ وطني وشعبوي يميني، ويُعتبر جزءاً من الجيل الجديد في الحزب الجمهوري الذي يتبنى سياسات “أمريكا أولاً”.
التحديات المستقبلية لعام 2028
تُشير التوقعات السياسية إلى أن انتخابات 2028 ستشهد منافسة شديدة داخل كلا الحزبين. على الجانب الديمقراطي، يبرز أسماء مثل بيت بوتيجيج وغافين نيوسوم وكامالا هاريس كمرشحين محتملين. بينما في الحزب الجمهوري، رغم تصدر فانس للاستطلاعات، يبقى هناك منافسون آخرون مثل رون ديسانتيس ونيكي هايلي.
كما تُظهر توقعات أسواق المراهنات السياسية أن فانس يتمتع بأفضلية واضحة بنسبة 27% لتولي الرئاسة، يليه غافين نيوسوم بنسبة 14%، بينما يحصل ماركو روبيو على 6% فقط. هذه الأرقام تعكس التحديات التي قد يواجهها روبيو في حالة قرر الترشح.
الاستراتيجية السياسية لروبيو
يبدو أن تجنب ماركو روبيو للحديث عن طموحاته الرئاسية يندرج ضمن استراتيجية سياسية محسوبة. فبصفته وزير خارجية، يحتاج روبيو للتركيز على مهامه الدبلوماسية الحالية دون إثارة تكهنات حول المستقبل السياسي. كما أن تأييده لفانس يُظهر التزامه بوحدة الحزب الجمهوري وولاءه لرؤية ترامب.
في الوقت نفسه، يواصل روبيو بناء سجله السياسي من خلال منصبه الحالي، خاصة مع تعيينه مؤقتاً كمستشار للأمن القومي إلى جانب منصبه كوزير خارجية، مما يجعله أول شخص يجمع بين المنصبين منذ هنري كيسنجر في السبعينيات. هذا الموقع المتميز قد يعزز من فرصه المستقبلية حال قرر الترشح.
التوقعات المستقبلية
رغم تصريحات روبيو المتحفظة، يرى المراقبون السياسيون أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام ترشحه لانتخابات 2028. فالتزامه الحالي بدعم فانس لا يعني بالضرورة تخليه عن طموحاته الشخصية، خاصة إذا تغيرت الظروف السياسية في السنوات المقبلة. كما أن خبرته الواسعة في السياسة الخارجية وموقعه الحالي في الإدارة يضعانه في موقف قوي لأي ترشح مستقبلي.
من جهة أخرى، فإن دعم روبيو لفانس يعكس إدراكه للواقع السياسي الحالي، حيث يتمتع نائب الرئيس بأفضلية واضحة في الاستطلاعات والدعم الحزبي. هذا الموقف الواقعي قد يخدم مصالح روبيو على المدى الطويل، خاصة إذا فشل فانس في تلبية التوقعات أو واجه تحديات سياسية غير متوقعة.
يبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كان روبيو سيحافظ على هذا الموقف المتحفظ طوال السنوات المقبلة، أم أنه سيعلن عن طموحاته بشكل أكثر وضوحاً كلما اقتربت انتخابات 2028. في كلتا الحالتين، فإن تصريحاته الحالية تُظهر نضجاً سياسياً والتزاماً بمصلحة الحزب الجمهوري فوق الطموحات الشخصية.










