تزداد المخاوف من حدوث كارثة إنية غير مسبوقة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، بعد تقارير رسمية وأممية تؤكد نفاد نحو 90% من المواد الغذائية الأساسية وارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال والنساء. فيما حذّر مجلس تنسيق غرف طوارئ شمال دارفور من «موت فعلي بسبب الجوع» إذا لم تُفتح ممرات إنسانية عاجلة.
شُحٌّ حاد في الغذاء والدواء
قال المجلس المحلي للطوارئ إن «الوضع تجاوز مرحلة التحذير وأصبح مأساوياً» في ظلِّ حصار عسكري خانق يمنع وصول الإمدادات منذ أكثر من عام، مؤكداً ارتفاع أسعار الحبوب إلى أرقام «تفوق قدرة معظم الأسر». ووفق شبكة أطباء السودان، وثق الأطباء وفاة 239 طفلاً جراء الجوع ونقص الأدوية خلال النصف الأول من العام الجاري وحده.
الأطفال يدفعون الثمن
أشارت أحدث مسوحات «يونيسف» إلى تضاعُف عدد حالات سوء التغذية الحاد الوخيم في ولايات دارفور بنسبة 46% منذ مطلع 2025، مع إدخال أكثر من 40 ألف طفل للعلاج في شمال دارفور وحدها. وحذّر ممثل المنظمة في السودان شيلدون يِت قائلًا:
«الأطفال في دارفور يعانون الجوع بسبب النزاع، ويُحرَمون من المساعدات التي يمكن أن تنقذ حياتهم»[2].
انهيار المنظومة الصحية
ذكرت تقارير ميدانية أن جميع المستشفيات الرئيسية في الفاشر تعرّضت لقصف أو تدمير جزئي، بينما يعالج الأهالي جرحاهم في المنازل بمواد بدائية. ويؤكد ناشطون في غرفة طوارئ مخيم أبو شوك أن متوسط الوفيات ارتفع إلى أربعة أشخاص أسبوعياً نتيجة الجوع وسوء التغذية.
أرقام أممية قاتمة
نحو 24.6 مليون سوداني يواجهون الجوع الحاد، بينهم 638 ألفاً في مستوى «المجاعة الفعلية» (المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي).
أكثر من 400 ألف نازح فرّوا من مخيم زمزم المجاور هرباً من القتال.
38% من أطفال النزوح يعانون من سوء تغذية حاد، و11% منهم في حالة حرجة، بحسب تقديرات منظمات الأمم المتحدة العاملة في الإقليم.
أصوات من الميدان
«ربما نموت بقذيفة أو بالجوع؛ كلاهما حاضر هنا»، هكذا لخص أحد متطوعي غرفة الطوارئ في الفاشر المشهد الإنساني. وأضاف أن المبادرات المحلية «تقاوم المجاعة بما يتوافر من تكايا شعبية»، إلا أن ندرة السلع وارتفاع أسعار الوقود يهددان استمراريتها.
المجتمع الدولي على المحك
دعا مجلس غرف الطوارئ جميع المنظمات الإنسانية إلى التحرك الفوري، مطالباً بفتح ممرات آمنة لتوصيل الغذاء والدواء، معتبراً «النساء والأطفال الفئة الأكثر تضرراً». على الصعيد الأممي، جدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المطالبة بوقف القتال وتسهيل الوصول الإنساني «دون عوائق وبصورة عاجلة».
خلفية الصراع
تتواصل المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، ما أدى إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص داخل السودان وخارجه، فيما تحوّلت الفاشر إلى آخر معقل للجيش في دارفور ومحور قتال عنيف منذ مايو 2024.










