أسفرت حادثة طعن مروعة وقعت في منطقة ساوثوارك بوسط لندن عن مقتل رجلين وإصابة اثنين آخرين، في منطقة تعتبر من أبرز الوجهات السياحية في العاصمة البريطانية وتشهد نادراً جرائم عنف من هذا النوع.
وقعت الحادثة الاثنين 28 يوليو 2025 عند الساعة الواحدة ظهراً في لونغ لين قرب جسر البرج الشهير، حيث تلقت الشرطة بلاغات عن وقوع اعتداءات متعددة في مبنى تجاري بالمنطقة.
تفاصيل الضحايا والمصابين
أعلنت شرطة العاصمة أن رجلاً يبلغ من العمر 58 عاماً توفي في مكان الحادث، بينما توفي شاب يبلغ من العمر 27 عاماً متأثراً بجراحه في المستشفى بعد نقله للعلاج.
وأشارت الشرطة إلى أن رجلاً في الثلاثينيات من العمر تم اعتقاله على خلفية الحادث وهو في حالة حرجة في المستشفى، فيما يتعافى رجل آخر في الثلاثينيات من إصابات وصفت بأنها غير مهددة للحياة.
استجابة عاجلة من خدمات الطوارئ
حضرت خدمة الإسعاف في لندن إلى مكان الحادث مع طواقم الشرطة، وتم علاج أربعة أشخاص من جروح الطعن. وقال متحدث باسم خدمة الإسعاف: “عالجنا أربعة أشخاص في مكان الحادث، ونقلنا ثلاثة مرضى إلى مراكز الصدمات الكبرى كأولوية قصوى”.
موقف الشرطة والتحقيق
صرحت رئيسة المباحث الكبرى إيما بوند، التي تقود العمليات الشرطية في المنطقة، قائلة: “تحقيقنا لا يزال في مراحله الأولى ونعمل جاهدين لفهم الظروف الكاملة لهذا الحادث المروع”.
وأضافت بوند: “في هذه المرحلة، لا نعتقد أن الحادث مرتبط بالإرهاب ولا يوجد خطر إضافي على الجمهور. ستكون هناك قوة شرطية مكثفة في المنطقة طوال اليوم”.
السياق الجغرافي والأمني
تقع منطقة الحادث في حي ساوثوارك قرب جسر البرج، أحد أشهر المعالم السياحية في لندن والذي يجتذب ملايين الزوار سنوياً. وتتميز المنطقة بكونها منطقة احترافية شابة تضم شقق عالية الثمن، كما وصفها أحد السكان المحليين.
وأشار معدل الجريمة المحلي في منطقة تاوار بريدج رود إلى 107 جرائم لكل ألف نسمة سنوياً، وهو ما يصنف كمستوى إجرام منخفض (4 من 10) مقارنة بالمناطق الأخرى في إنجلترا وويلز.
جرائم الطعن في المملكة المتحدة: الصورة الأوسع
تأتي هذه الحادثة في سياق أزمة جرائم الطعن التي تواجهها المملكة المتحدة، حيث سجلت 53,047 جريمة تتضمن سكيناً أو آلة حادة في العام المنتهي في مارس 2025، بانخفاض طفيف قدره 1% عن العام السابق.
رغم الانخفاض الطفيف الأخير، فإن جرائم الطعن ارتفعت بنسبة 81% خلال العقد الماضي، مما يشكل واحدة من أكبر التحديات الأمنية في البلاد.
هيمنة لندن على إحصائيات جرائم الطعن
تستحوذ شرطة العاصمة اللندنية على 31% من جميع جرائم الطعن في إنجلترا وويلز، حيث سجلت 16,297 جريمة في العام المنتهي في مارس 2025، بزيادة 9% عن العام السابق.
وشهدت لندن تحديداً زيادة بنسبة 20% في جرائم الطعن خلال العام المنتهي في ديسمبر 2023، بمجموع 14,577 جريمة مرتبطة بالسكاكين.
الضحايا الشباب والأطفال
تكشف الإحصائيات الحديثة أن 57 شخصاً تحت سن 25 عاماً قتلوا بالسكاكين في العام الماضي، منهم 17 طفلاً تحت سن 16 عاماً.
وأشارت دراسة صندوق الهبات الشبابية إلى أن واحداً من كل 20 مراهق في إنجلترا وويلز أفاد باستخدام سلاح لتهديد أو إيذاء شخص ما خلال العام الماضي، فيما يحمل أكثر من 2% (ما يعادل 86,667 شاباً تتراوح أعمارهم بين 13-17 عاماً) سكيناً.
استجابة المجتمع المحلي
عبرت ناتاشا إنين، عضو مجلس ساوثوارك المسؤولة عن الأمن المجتمعي، عن “رعبها وحزنها العميق لوفاة رجلين في البلدية اليوم”، مؤكدة أن الشرطة أكدت عدم وجود علاقة بالإرهاب.
وأشار السكان المحليون إلى أن المنطقة “ليست سيئة جداً” وأنهم لم يسمعوا بحدوث شيء مماثل من قبل، مما يؤكد على الطبيعة الاستثنائية لهذا الحادث.
الأثر على السياحة والأمن العام
يثير هذا الحادث مخاوف حول الأمن في المناطق السياحية الرئيسية في لندن، خاصة وأن منطقة جسر البرج تعتبر من أكثر الوجهات زيارة في العاصمة البريطانية.
وتأتي الحادثة في وقت تشهد فيه لندن ارتفاعاً حاداً في جرائم الطعن والسرقة والنشل، مما دفع السلطات لحث الزوار على تجنب إخراج هواتفهم في الأماكن العامة أو ترك الساعات أو الحقائب الثمينة في المنزل.
جهود مكافحة جرائم الطعن
تواصل الحكومة البريطانية جهودها لمواجهة وباء جرائم الطعن، حيث تعهدت بـتقليل جرائم الطعن إلى النصف خلال العقد القادم.
وتشمل الاستراتيجيات الحالية زيادة عمليات التفتيش والبحث، وتنفيذ برامج تدخل مبكر للشباب المعرضين للخطر، بالإضافة إلى تشديد العقوبات على حمل الأسلحة الحادة.










