ضرب زلزال عنيف بقوة 8.8 درجة على مقياس ريختر شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا فجر الأربعاء، مما أدى إلى توليد أمواج تسونامي يصل ارتفاعها إلى 4 أمتار وإثارة حالة من الذعر والطوارئ عبر منطقة المحيط الهادئ بأكملها. يُعتبر هذا الزلزال الأقوى في المنطقة منذ عام 1952، والسادس الأقوى المسجل في التاريخ.
تفاصيل الزلزال والإعدادات الجيولوجية
وقع الزلزال في الساعة 23:24 بالتوقيت العالمي الموحد يوم 29 يوليو (11:24 صباحاً بالتوقيت المحلي يوم 30 يوليو) على عمق 19.3 كيلومتر، وكان مركزه على بُعد حوالي 119 كيلومتراً شرق جنوب شرق مدينة بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي الروسية التي يبلغ عدد سكانها 180 ألف نسمة. أكد حاكم كامتشاتكا فلاديمير سولودوف أن “زلزال اليوم كان خطيراً وهو الأقوى منذ عقود من الهزات الأرضية”.
تقع كامتشاتكا والشرق الأقصى الروسي ضمن “حلقة النار” في المحيط الهادئ، وهي منطقة نشطة جيولوجياً ومعرضة للزلازل الكبرى والانفجارات البركانية. تُظهر الأبحاث العلمية أن هذه المنطقة تشهد حوالي 90% من الزلازل العالمية و75% من البراكين النشطة.
أمواج التسونامي والأضرار المحلية
تسبب الزلزال في توليد أمواج تسونامي بارتفاع 3-4 أمتار في أجزاء من كامتشاتكا، حسبما أفاد سيرغي ليبيديف، وزير الطوارئ الإقليمي. ضربت الموجة الأولى المنطقة الساحلية لمدينة سيفيرو-كوريلسك، المستوطنة الرئيسية في جزر الكوريل الروسية في المحيط الهادئ.
أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي منشآت مغمورة بالمياه في مدينة سيفيرو-كوريلسك البالغ عدد سكانها حوالي ألفي نسمة. تأثر مصنع معالجة الأسماك “ألايد” في المدينة بالفيضانات، وتم إجلاء جميع العمال بأمان. لم تُسجل أي وفيات، لكن تم الإبلاغ عن عدة إصابات طفيفة نتيجة محاولات الأشخاص الهروب من المباني المهتزة.
إعلان حالة الطوارئ والاستجابة الحكومية
أعلنت السلطات الروسية حالة الطوارئ في منطقة شمال الكوريل، حيث “تم إجلاء السكان” وفقاً لبيان وزارة الطوارئ الروسية. أكد حاكم ساخالين فاليري ليمارنكو أن “السكان آمنون ويقيمون في المرتفعات حتى زوال خطر تكرار الموجة”.
بدأ المختصون فحصاً شاملاً للمرافق ذات الأهمية الحيوية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات ودور الحضانة. تضررت حائط في إحدى رياض الأطفال في بتروبافلوفسك-كامتشاتسكي، لكن لم تُسجل أي إصابات. كما تعرض سقف محطة مطار إليزوفو للانهيار، مما أدى إلى إصابة امرأة.
التأثير على اليابان وتحذيرات الإجلاء
رفعت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية مستوى التحذير، متوقعة أمواج تسونامي تصل إلى 3 أمتار لتضرب المناطق الساحلية الكبيرة ابتداءً من حوالي الساعة 01:00 بالتوقيت العالمي. أصدرت وكالة إدارة الحرائق والكوارث اليابانية تحذيراً بإخلاء أكثر من 1.9 مليون ساكن في 133 بلدية على طول ساحل اليابان المطل على المحيط الهادئ.
وصلت أول موجة تسونامي إلى نيمورو على الساحل الشرقي لجزيرة هوكايدو اليابانية، بارتفاع حوالي 30 سنتيمتراً. سُجلت موجات بارتفاع 50 سنتيمتراً في ميناء إيشينوماكي شمال اليابان. أظهرت اللقطات المصورة مئات الأشخاص في الجزيرة الشمالية هوكايدو يحتمون على سطح مبنى، بينما غادرت القوارب الموانئ لتجنب الأضرار المحتملة.
تحذيرات عبر المحيط الهادئ والاستجابة الدولية
امتدت التحذيرات عبر المحيط الهادئ لتشمل هاواي وألاسكا والساحل الغربي للولايات المتحدة. أصدر مركز التحذير من تسونامي المحيط الهادئ تحذيراً لهاواي، مشيراً إلى أن “إجراءات عاجلة يجب اتخاذها لحماية الأرواح والممتلكات”. توقع المركز وصول الأمواج الأولى حوالي الساعة 7 مساءً بالتوقيت المحلي يوم الثلاثاء.
حث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المواطنين على البقاء في أمان، مكتوباً على منصة التواصل الاجتماعي “تراث سوشال”: “ابقوا أقوياء وآمنين!”. أصدرت إدارة الطوارئ في أوريغون تحذيراً من موجات تسونامي صغيرة متوقعة على طول الساحل، بارتفاع يتراوح بين 1 إلى 2 قدم.
التحليل العلمي والتوقعات المستقبلية
حذرت هيئة الخدمات الجيوفيزيائية الروسية من خطر حدوث هزات ارتدادية عنيفة قد تصل قوتها إلى 7.5 درجات خلال الشهر المقبل. أوضح دانيلا تشيبروف، مدير فرع كامتشاتكا لهيئة المسح الجيوفيزيائي، أنه “نظراً لخصائص معينة في البؤرة، لم تكن شدة الاهتزاز عالية كما قد يتوقع المرء من هذا الحجم”.
أشار الخبراء إلى أن قوة وارتفاع أمواج التسونامي تعتمد على طبيعة واتجاه الزلزال. حيث أن الزلزال أطلق الطاقة القصوى باتجاه هاواي والإكوادور، لذلك توقع علماء الزلازل أن أعلى موجات التسونامي ستضرب هذه المناطق رغم بُعدها الآلاف من الكيلومترات عن مركز الزلزال.










