تشهد إسرائيل أزمة حادة بين القيادة السياسية والعسكرية، تتمحور حول مستقبل الحرب على غزة ومفاوضات وقف إطلاق النار. وفي قلب هذه الأزمة يقف رئيس الأركان إيال زامير في مواجهة مباشرة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء الحكومة اليمينية المتطرفة.
تحليل ناحوم برنياع: “طلقة واحدة في فوهة البندقية”
كشف المحلل السياسي البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع، في تحليله المنشور الجمعة 1 أغسطس 2025، عن عمق الأزمة بين زامير والمستوى السياسي.
وأشار برنياع إلى أن “هذا الأسبوع يُعتبر حاسماً لمستقبل الحرب، وأن زامير بات يفكر في الاستقالة نتيجة استمرار الخلاف والتصادم مع المستوى السياسي”.
وأضاف برنياع في تحليله: “الأزمة بين رئيس الأركان إيال زامير والمستوى السياسي حقيقية، وإذا لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، فستزداد حدتها”.
واستخدم برنياع استعارة مؤثرة قائلاً: “هناك طلقة واحدة في فوهة البندقية.. متى سيستخدمها زامير وأين لا أعرف.. لكن ما أعرفه أن الطلقة جاهزة”.
الخلافات المتصاعدة: 150 يوماً من التوتر
منذ تولي زامير منصب رئيس الأركان في مارس 2025، أي منذ 150 يوماً، لم يتمكن من تحقيق تغيير جوهري في مسار الحرب، وهو ما يثير إحباطه وإحباط القيادة العسكرية.
فالرجل البالغ من العمر 59 عاماً، والذي يحمل أصولاً يمنية من جهة الأب وسورية من جهة الأم، وجد نفسه في مواجهة ضغوط متعددة الاتجاهات.
الصدام مع نتنياهو: “لا نستطيع السيطرة على مليوني شخص”
شهدت الاجتماعات الأمنية الأخيرة توتراً وصراخاً بين نتنياهو وزامير، خاصة حول مستقبل العمليات في غزة. ففي اجتماع المجلس الأمني المصغر مساء الخميس، أبلغ زامير نتنياهو بأن “الجيش الإسرائيلي لا يستطيع السيطرة على مليوني فلسطيني في غزة”.
هذا التصريح أثار غضب نتنياهو الذي صرخ في وجه رئيس الأركان قائلاً إن “حصار غزة ناجع لأن احتلالها بالكامل يعرض الجنود والرهائن للخطر”.
وطالب نتنياهو الجيش بإعداد خطة لفرض حصار على شمال غزة ونقل السكان إلى الجنوب، وهي خطة عارضها زامير بشدة.
خلافات مع الوزراء المتطرفين
لا تقتصر الخلافات على نتنياهو، بل تمتد لتشمل الوزراء المتطرفين في الحكومة. فقد اتهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير زامير بعدم اتباع الأوامر والتسبب في وصول الوضع في غزة إلى طريق مسدود.
وفي تبادل حاد للاتهامات، رد زامير على الوزيرين قائلاً: “أنتم دائماً تقولون إن هناك جموداً في القطاع. لا يوجد جمود في القطاع؛ نحن نفعل بالضبط ما كلفتمونا به. أقترح أن ينتبه الناس إلى ما يقولونه عنّا، وكأننا لا نفعل ما كلفتمونا به. لا داعي بالتأكيد لتذكيركم بأن لدينا جنوداً يموتون في المعركة”.
وفي اجتماع آخر، هاجم سموتريتش زامير بشأن توزيع المساعدات الإنسانية، متهماً إياه بعدم منع وصولها إلى حماس، قائلاً إن هذا “يجبر المستوى السياسي على اتخاذ قرارات تحول الدعم الإنساني إلى دعم لوجستي للعدو”.
الضغوط العسكرية والشعبية
تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن تآكل قوة الجيش الإسرائيلي في غزة هو أحد الأسباب وراء رغبة كل من نتنياهو وزامير في إنهاء الحرب.
فقد أطلع زامير نتنياهو على “وضع القوات على الأرض وهو أمر لا يمكن تجاهله”، كما أن “نتنياهو يدرك أن هناك رغبة لدى الجمهور أيضاً في السعي لإنهاء الحرب”.
سياق الأزمة السياسية الأوسع
تأتي هذه التطورات في سياق أزمة سياسية أوسع تشهدها الحكومة الإسرائيلية، حيث استقال حزبا “ديغل هتوراة” و”أغودات إسرائيل” من الحكومة احتجاجاً على عدم تمرير قانون الإعفاء من التجنيد للمتدينين.
وهناك مخاوف من انهيار الحكومة إذا انضم حزب “شاس” إلى المستقيلين.
التوقعات والسيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: الاستقالة هذا الأسبوع
بناءً على تحليل برنياع وتصاعد الخلافات، هناك احتمالية حقيقية لاستقالة زامير، خاصة إذا:
فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار
استمرت الخلافات مع المستوى السياسي
تعرض لمزيد من الضغوط من الوزراء المتطرفين
السيناريو الثاني: التمسك بالمنصب
قد يقرر زامير البقاء في منصبه رغم الضغوط، مدفوعاً بـ:
المسؤولية تجاه الجنود والأسرى
صعوبة إيجاد بديل مناسب في الظروف الحالية
الحاجة لاستقرار القيادة العسكرية
التبعات المحتملة للاستقالة
إذا قرر زامير الاستقالة فعلاً، فإن ذلك سيؤدي إلى:
أزمة قيادة عسكرية: صعوبة إيجاد بديل مناسب في ظل الحرب المستمرة
تعميق الأزمة السياسية: مزيد من عدم الاستقرار في الحكومة الإسرائيلية
تأثير على الروح المعنوية: للجيش والمجتمع الإسرائيلي
تعقيد المفاوضات: مع حماس حول وقف إطلاق النار
خلاصة التحليل
استناداً إلى المعطيات المتاحة، وخاصة تحليل ناحوم برنياع المعتبر من أكثر المحللين تأثيراً في إسرائيل، فإن احتمالية استقالة زامير هذا الأسبوع تبدو مرتفعة نسبياً. فالتصريح الصريح عن “دراسة الاستقالة” و”الطلقة الجاهزة” يشير إلى جدية التفكير في هذا الخيار.










