في تطور إعلامي يهز الأوساط السياسية والحقوقية، تتصاعد التقارير حول مقابلة تلفزيونية مرتقبة للرئيس السوري السابق بشار الأسد من موسكو، والتي ستكون الأولى منذ سقوط نظامه في ديسمبر 2024. هذه المقابلة المحتملة أشعلت عاصفة من الجدل والانتقادات حتى قبل تأكيد بثها، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول الأخلاقيات الإعلامية ومسؤولية وسائل الإعلام.
التسريبات الأولى: من كشف المقابلة؟
وكشف الصحفي السعودي عبد العزيز الخميس المقيم في الإمارات عن استعداد “إحدى الشاشات المعروفة” لبث مقابلة حصرية مع بشار الأسد، مؤكداً أنها الأولى منذ هروبه إلى موسكو. هذا الكشف المفاجئ انتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأثار ردود فعل متباينة.
تفاصيل التصوير في موسكو
وأضاف الصحفي السوري غسان إبراهيم معلومات إضافية مهمة، مؤكداً أن الأسد صور المقابلة في استديوهات قناة روسيا اليوم، وأن المحتوى يتضمن حديثاً عن “كيف انهار نظامه وعن مستقبله السياسي”. هذه التفاصيل تضفي مصداقية أكبر على التقارير وتشير إلى جدية الموضوع.
القنوات المتنافسة: من سيحصل على السبق؟
تشير التحليلات الإعلامية إلى أن سكاي نيوز عربية هي المرشح الأقوى لبث هذه المقابلة التاريخية. هذا الترجيح يأتي لأسباب استراتيجية واضحة، حيث أن بث المقابلة على القنوات السعودية مثل العربية والحدث قد يُفسر كدعم ضمني للأسد، مما يتعارض مع الموقف السعودي الداعم للحكومة السورية الجديدة.
رفض الجزيرة والأسباب
كشفت المصادر أن قناة الجزيرة رفضت من قبل الأسد نفسه، حيث امتنع عن التعامل معها بسبب ما وصفه بدعمها لـ”الفصائل الإرهابية” خلال الثورة السورية. هذا الرفض يعكس الانقسامات السياسية الإقليمية وتأثيرها على الخيارات الإعلامية.
العقبة الروسية: موافقة الكرملين المطلوبة
يواجه بث المقابلة عقبة روسية كبيرة، حيث تشترط السلطات الروسية الحصول على موافقة مسبقة لأي ظهور إعلامي للأسد. هذا القيد يأتي ضمن شروط اللجوء السياسي التي منحتها موسكو للرئيس المخلوع، والتي تتضمن التزامه بعدم الإدلاء بتصريحات قد تضر بالمصالح الروسية.
تعقيدات التوقيت السياسي
يأتي طلب الموافقة في توقيت سياسي حساس، حيث تحاول روسيا إعادة تشكيل علاقاتها مع الحكومة السورية الجديدة. لذلك، قد تتردد موسكو في السماح للأسد بالظهور خوفاً من تعقيد هذه العلاقات الناشئة أو إثارة المزيد من الجدل الدولي.
العاصفة قبل البث: انتقادات حادة من كل الجهات
غضب المنظمات الحقوقية
اندلعت موجة غضب عارمة من المنظمات الحقوقية والنشطاء السوريين، الذين وصفوا إمكانية بث المقابلة بأنها “محاولة لتطبيع وجود مجرمي الحرب في الإعلام”. هؤلاء النشطاء يؤكدون أن إعطاء منصة إعلامية للأسد يرسل رسالة خاطئة مفادها أن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية يمكن أن يتحولوا إلى ضيوف برامج حوارية.
مخاوف من التلميع والتعويم
عبر محامون وحقوقيون عن خشيتهم من أن تكون المقابلة محاولة لتلميع صورة الأسد وإعادة تعويمه سياسياً، خاصة مع التأكيدات على أنه سيتحدث عن “مستقبله السياسي”. هذه المخاوف تنبع من تجارب سابقة حيث استُخدمت وسائل الإعلام لإعادة تأهيل شخصيات سياسية مثيرة للجدل.
آراء قانونية ونفسية
قدم المحامي السوري أوس نزار درويش تحليلاً قانونياً مهماً، مؤكداً أن ظهور الأسد “لن يكون مجرد مقابلة تلفزيونية” بل سيحمل “دلالات كبيرة” قد تشير إلى تغييرات مهمة في المشهد السوري. هذا التحليل يضع المقابلة في سياق أوسع من التطورات السياسية الإقليمية.
المحتوى المتوقع: ماذا سيكشف الأسد؟
ومن المتوقع أن تركز المقابلة على تفاصيل انهيار نظام الأسد والأحداث التي أدت إلى هروبه من دمشق في 8 ديسمبر 2024. هذا المحتوى سيكون ذا قيمة تاريخية كبيرة، حيث سيقدم وجهة نظر الأسد الشخصية حول الأحداث الأخيرة من منظوره كرئيس مخلوع.
تبريرات ومحاولات غسل السمعة
قد يحاول الأسد في المقابلة تبرير سياساته القمعية وإعادة صياغة السردية حول الحرب الأهلية السورية، محاولاً تقديم نفسه كضحية للظروف الإقليمية والدولية. هذا الأمر يثير قلق المراقبين الذين يخشون من محاولة تشويه الحقائق التاريخية.
خطط العودة والمستقبل السياسي
الجانب الأكثر إثارة للجدل في المقابلة المرتقبة هو حديث الأسد عن مستقبله السياسي، والذي قد يتضمن إشارات إلى رغبته في العودة إلى المشهد السياسي السوري. هذا الأمر يُعتبر استفزازاً مباشراً للشعب السوري والحكومة الانتقالية الجديدة.
التناقضات التاريخية: من “لن أهرب” إلى الهروب الفعلي
تصريحات 2023 المفضوحة
تكتسب المقابلة المرتقبة أهمية خاصة في ضوء تصريحات الأسد السابقة في أغسطس 2023 مع سكاي نيوز عربية، حيث أكد بشدة أن “فكرة الهروب لم تكن مطروحة على الإطلاق”. هذه التصريحات تبدو الآن ساخرة ومتناقضة مع هروبه الفعلي من دمشق.
انهيار الخطاب الرسمي
يعيد النشطاء نشر مقاطع من تلك المقابلة القديمة كدليل على تهافت خطاب النظام وعدم مصداقيته، مما يضع أي تصريحات جديدة للأسد تحت مجهر الشك والتدقيق. هذا السجل المتناقض يجعل من الصعب تصديق أي ادعاءات جديدة قد يطرحها.
السخرية والنقد: ردود فعل ساخرة من الإعلاميين
وقدم الإعلامي إسلام بحيري رؤية ساخرة لشكل المقابلة المثالي، مقترحاً أن “يتمدد الأسد على كرسي ليزي بوي ومعه علبة فشار” بينما تُعرض أمامه مشاهد من معاناة الشعب السوري. هذه السخرية اللاذعة تعكس استياء الكثيرين من فكرة إعطاء منصة إعلامية للأسد.
رسائل رمزية قوية
تحمل سخرية بحيري رسائل رمزية قوية حول اللامبالاة المفترضة للأسد تجاه معاناة شعبه، وكيف أن ظهوره في المقابلة قد يبدو وكأنه يستمتع بمشاهدة نتائج سياساته القمعية من موقع آمن في موسكو.
تأثير على العلاقات السورية-الروسية
قد تؤثر المقابلة على العلاقات الناشئة بين الحكومة السورية الجديدة وروسيا، خاصة في ضوء الزيارات الدبلوماسية الأخيرة لوزير الخارجية السوري إلى موسكو. ظهور الأسد قد يُفسر كرسالة روسية للحكومة الجديدة أو محاولة للتأثير على التطورات السياسية.
ردود فعل دولية متوقعة
من المتوقع أن تثير المقابلة ردود فعل دولية حادة، خاصة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي تعتبر الأسد مجرم حرب. هذا قد يؤدي إلى تعقيدات دبلوماسية إضافية وضغوط على القناة التي ستبث المقابلة.










