في تطور بارز على الساحة السورية، وجه أبو جهاد رضا، القائد العام لـ”جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا – أولي البأس”، نداء تعبئة شاملاً، معلناً في أول ظهور علني له منذ تأسيس الجبهة، بداية مرحلة جديدة من المواجهة ضد ما وصفه بـ”قوى الاحتلال المختلفة في سوريا” في إشارة لسلطة أحمد الشرع والوجود التركي والأمريكي والإسرائيلي في سوريا
الخطاب التاريخي: إعلان “سقوط الدولة” والدعوة للمقاومة
في خطاب مصور بُث يوم الجمعة الأول من أغسطس 2025، والذي جاء بالتزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس الجيش العربي السوري، أعلن أبو جهاد رضا بوضوح أن “سوريا الدولة المركزية قد سقطت، والحكومة الحاكمة في دمشق لا تملك من أمرها شيئاً، بل أضحت أداةً تُحرّكها أجهزة الأمن التركية والأميركية والصهيونية”.
تفاصيل النداء والمخاطبين
وجه القائد نداءه إلى فئات محددة، حيث قال: “يا أيها المجاهدون ويا أيها الأحرار، يا أبناء وضباط الجيش العربي السوري حماة العرض والعرض، يا أبناء سوريا الصابرة… لقد حانت لحظة الانصاف والاصطفاف من جديد”.
كما حدد الجبهات الجغرافية للمواجهة قائلاً: “من لواء إسكندرون المسلوب إلى الجولان المحتل، ومن الشرق السوري المغتصب إلى هذه العاصمة التي تبكي مجدها”.
خلفية تأسيس “أولي البأس” وتطورها التنظيمي
تأسست “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا – أولي البأس” في 9 يناير 2025، بعد أسابيع قليلة من سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. وكانت الجبهة قد ظهرت في البداية تحت اسم “جبهة تحرير الجنوب” قبل أن تغير اسمها في 11 يناير إلى اسمها الحالي.
توحيد المجموعات المسلحة
شهدت الأشهر الماضية انضمام عدة مجموعات مسلحة إلى “أولي البأس”، بما في ذلك:
“درع الساحل” (بعد انشقاقها عن مقداد فتيحة)
“سرايا العرين”
عدد من مجموعات “المقاومة الشعبية”
“المقاومة الوطنية في الجولان المحتل” (التي كانت تعمل تحت إشراف حزب الله والحرس الثوري الإيراني)
القيادات المركزية
للمرة الأولى، كشفت الجبهة عن قياداتها المركزية:
محمود موالدة: رئيس الدائرة السياسية
بتول بدر: مسؤولة دائرة المرأة
عباس الأحمد: مسؤول دائرة الإعلام المركزي
جبران سالم: مسؤول الدائرة الاقتصادية
ملاك الظاهر: مسؤول وحدة المغتربين
علي الأشقر: مسؤول دائرة التنظيم
الرؤية السياسية والاتهامات الخطيرة
تفسير الأزمة السورية
قدم أبو جهاد رضا تفسيراً مغايراً للحرب السورية، حيث أكد أن “ما جرى في سوريا ليس حرباً أهلية ولا فوضى داخلية، بل مخطط صهيوني مركزي تلاقت فيه مصالح تل أبيب وواشنطن وأنقرة وموسكو، بتمويل خليجي ورعاية استخباراتية شاملة”.
اتهامات خطيرة: “17 مقراً استخباراتياً إسرائيلياً في دمشق”
في أخطر اتهام وجهه، زعم أبو جهاد رضا وجود “17 مقراً للاستخبارات الصهيونية في دمشق وحدها”، قائلاً: “الغرف السوداء تعمل اليوم من مراكز متعددة في دمشق وريفها فضلاً عن 17 مقراً استخباراتياً صهيونياً داخل العاصمة وحدها، مهمتها بث الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد”.
الأهداف والاستراتيجية المعلنة
رفض السلطة والتركيز على التحرير
أكد القائد أن الجبهة “لا تطالب بسلطة ولا تنازع أحداً على كيان، بل تقاتل من أجل تحرير سوريا من الاحتلالات المتعددة واستعادة القرار الوطني والسيادة الوطنية”.
وأضاف: “نحن لا نطالب بسلطة ولا ننازع أحد على كيان بل نقاتل من أجل تحرير سوريا من الاحتلالات المتعددة واستعادة القرار الوطني المستقل”.
التحالفات المستقبلية المتوقعة
تشير المصادر إلى أنه من المتوقع خلال الأيام القليلة المقبلة انضمام “المقاومة الوطنية في لواء إسكندرون” بقيادة علي كيالي (معراج أورال) إلى “أولي البأس”.
النشاط العسكري والمواجهات
عمليات ضد القوات الإسرائيلية
تبنت “أولي البأس” عدة اشتباكات مع القوات الإسرائيلية في الجنوب السوري، خاصة في محافظتي درعا والقنيطرة. ومن أبرز هذه العمليات:
استهداف القوات الإسرائيلية في بلدة طرنجة بريف القنيطرة الشمالي
الاشتباكات في بلدة كويا بريف درعا التي أسفرت عن مقتل 4 من مقاتلي “أولي البأس”
القصف الصاروخي على الجولان
في يونيو 2025، تبنت “جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” القصف الصاروخي الذي استهدف مواقع في الجولان السوري المحتل، متوعدة الكيان الإسرائيلي بمزيد من الهجمات.
ظروف تسجيل الخطاب والتحديات الأمنية
الإصابة في غارة إسرائيلية
وفقاً لمصادر مطلعة، تعرض أبو جهاد رضا لإصابة في وجهه ويده اليمنى نتيجة غارة إسرائيلية منتصف يوليو 2025، مما كاد يحول دون تسجيل الخطاب.
كما تم تسجيل الخطاب في منطقة من الجنوب السوري الذي يعاني توغلات متكررة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، مما يعكس التحديات الأمنية التي تواجهها الجبهة.
الجدل حول الهوية والانتماءات
التشابه مع رموز محور المقاومة
لاحظ محللون أن الشعار والهوية البصرية لـ”أولي البأس” تشبه في تصميمها شعارات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، مما أثار تساؤلات حول طبيعة ارتباطاتها الإقليمية.
نفي التبعية الخارجية
رغم ذلك، أكدت الجبهة عدم تبعيتها لأي حزب أو دولة في المنطقة، مصرحة بأنها “حركة دينية ثورية قومية تتمتع ببعد قومي عربي، ولا تتبع لأي تنظيم موجود في سوريا”.
التحديات والآفاق المستقبلية
الوضع الأمني المعقد
تشهد سوريا حالة من عدم الاستقرار الأمني مع تسجيل عمليات خطف وقتل واعتقال دورية، من قبل فصائل تابعة للسلطة أو مجموعات مجهولة.
كما شهدت البلاد موجة عنف طائفية منذ مارس 2025 حصدت أرواح 3,278 سورياً، بينهم 98 امرأة و46 طفلاً، خاصة من الطائفتين العلوية والدرزية.
المواقف الدولية
يواجه الرئيس السوري أحمد الشرع ضغوطاً متزايدة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطرد المقاتلين الأجانب كشرط لتخفيف العقوبات عن سوريا.
نقطة تحول في المشهد السوري
يمثل إطلاق نداء التعبئة من قبل أبو جهاد رضا نقطة تحول مهمة في المشهد السوري المعقد، حيث تسعى “أولي البأس” لتقديم نفسها كبديل للنظام السابق والحكومة الانتقالية على حد سواء.
وبينما تؤكد الجبهة التزامها بـ”تحرير سوريا من الاحتلالات المتعددة”، تبقى طبيعة علاقاتها الإقليمية وقدرتها الفعلية على تنفيذ أهدافها المعلنة محل تساؤل وترقب في ظل التعقيدات الجيوسياسية المحيطة بالملف السوري.










