في خطوة مفاجئة تعكس تصاعد الضغوط الداخلية على شخصيات دينية بارزة، وافق المرشد الإيراني علي خامنئي على طلب كاظم صديقي، خطيب جمعة طهران، بالإعفاء من مهامه، وذلك بعد تورط نجله وزوجة نجله في قضايا فساد مالي أثارت جدلا واسعا في البلاد.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن صديقي بعث برسالة إلى خامنئي يطلب فيها التنحي عن منصب إمام الجمعة في طهران، مبررا ذلك بـ”رغبته في التفرغ للعمل العلمي والتدريسي والدعوي”. لكن توقيت الطلب، وتزامنه مع اعتقال عدد من أقاربه في قضايا فساد، أثار تكهنات حول خلفيات القرار الحقيقية.
وتصدر اسم صديقي عناوين الصحف مؤخرا بعد الكشف عن اعتقال ابنه محمد مهدي صديقي وزوجة ابنه، ضمن ملف فساد كبير شمل الاستيلاء على أراض حكومية وتلاعب في العقارات، من بينها قضية حديقة “أوزغول” الشهيرة في طهران، التي وصفت بأنها واحدة من أبرز عمليات نقل الملكية المثيرة للجدل.
في هذا السياق، أشارت وكالة “فارس” التابعة للحرس الثوري إلى أن الاعتقالات تمت في 4 يونيو/حزيران الماضي، مؤكدة أن التحقيقات “تجري بحساسية خاصة”، دون أن تسمي المتهمين بشكل مباشر.
وفي أول تعليق له، أقر صديقي باعتقال ابنه، قائلا: “إذا ثبتت الاتهامات، فأنا خاضع للقانون”. وأضاف أنه لم يتدخل في مسار القضية أو في التحقيقات القضائية.
الصحفي الاستقصائي يشار سلطاني، الذي سبق أن كشف وثائق تدين صديقي في قضية الاستيلاء على أراضي الدولة، قال إن “صديقي سقط الآن كما سقطت قبله رموز أخرى كانت تعتبر خطوطا حمراء في النظام”. وأشار إلى أن وزارة الاستخبارات حاولت سابقا منعه من نشر التقرير.
تعد هذه القضية إحراجا كبيرا للتيار الديني المتشدد في إيران، حيث كان صديقي يشغل، إلى جانب منصب خطيب جمعة طهران، رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويعرف بولائه الشديد لخامنئي.
وتأتي الإطاحة بصديقي وسط ضغوط داخلية غير مسبوقة على النظام الإيراني، خصوصا في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية وازدياد وتيرة الكشف عن قضايا فساد تمس كبار المسؤولين ورجال الدين.
خلفية:
كاظم صديقي عين إماما لجمعة طهران عام 2009، ويعد من المقربين من خامنئي. تولى إدارة عدد من المؤسسات الدينية، وشارك مع أفراد من عائلته في تأسيس شركات خاصة تعمل في مجالات متعددة، من بينها السياحة والعقارات.
مراقبون يرون:
أن تنحية صديقي، وإن جاءت في صيغة “طلب إعفاء”، تشير إلى تصدع داخلي في النخبة الدينية الحاكمة، خاصة إذا استمرت التحقيقات وامتدت لتشمل شخصيات أخرى محسوبة على الجناح المحافظ في النظام الإيراني.










