أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 13.1% خلال شهر يوليو 2025، مقارنة بـ 14.4% في يونيو 2025، وهو ما يمثل أقل مستوى يُسجل في العام الحالي ويعكس انخفاضاً ملحوظاً في وتيرة الارتفاع العام للأسعار.
وأوضح الجهاز في بيانه الشهري أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية سجل 256.5 نقطة في يوليو 2025، محققاً انخفاضاً شهرياً قدره 0.6% مقارنة بشهر يونيو الماضي، مما يشير إلى تحسن حقيقي في الاتجاهات التضخمية.
العوامل الرئيسية وراء الانخفاض التضخمي
انخفاض حاد في أسعار السلع الغذائية الأساسية
أرجع البيان هذا التراجع الشهري في الأسعار إلى انخفاض ملحوظ في أسعار المجموعات الغذائية الرئيسية، والتي شكلت العامل الأساسي في تحسن المؤشرات:
اللحوم والدواجن: انخفاض بنسبة 4.9%
الفاكهة: تراجع بنسبة 11.0%
الخضروات: انخفاض بنسبة 7.0%
الأمتعة الشخصية: تراجع بنسبة 0.5%
هذا الانخفاض الواضح في أسعار المجموعات الغذائية، والذي يمثل الجزء الأكبر من إنفاق الأسرة المصرية، كان له دور محوري في تحقيق التراجع الإجمالي للمؤشر العام للأسعار، حيث يُشكل قطاع الطعام والمشروبات نحو 40% من سلة السلع والخدمات المحتسبة في المؤشر العام.
العوامل وراء انخفاض أسعار الأغذية
يُعزى انخفاض أسعار السلع الغذائية إلى عدة عوامل أساسية:
- تحسن أسعار اللحوم والدواجن
توفر الأعلاف: تحسن إمدادات الأعلاف في الأسواق بأسعار مناسبة بعد جهود الحكومة في الإفراج عن الأعلاف في الموانئ
زيادة المعروض: ارتفاع الإنتاج اليومي إلى 4 ملايين دجاجة يومياً
تراجع الطلب الموسمي: انخفاض الطلب بعد انتهاء موسم الأعياد وتأثير تخزين الأضاحي لدى المستهلكين
تحسن القوة الشرائية: رغم التحديات، إلا أن استقرار الأوضاع النقدية ساهم في تحسن نسبي
- انخفاض أسعار الفواكه والخضروات
الموسمية الزراعية: دخول محاصيل الصيف في موسم الحصاد الكامل
تحسن سلاسل التوريد: استقرار أسعار النقل والوقود نسبياً
زيادة المعروض المحلي: وفرة الإنتاج المحلي من الخضروات والفواكه الصيفية
القطاعات التي شهدت ارتفاعات محدودة
رغم التراجع العام، سجلت بعض المجموعات ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار خلال يوليو:
المجموعات الغذائية
الحبوب والخبز: ارتفاع 0.4%
الأسماك والمأكولات البحرية: زيادة 0.2%
الألبان والجبن والبيض: ارتفاع 0.2%
الزيوت والدهون: زيادة 0.1%
السكر والأغذية السكرية: ارتفاع 0.2%
البن والشاي والكاكاو: زيادة 0.2%
المياه الغازية والعصائر الطبيعية: ارتفاع 0.8%
المجموعات غير الغذائية
المشروبات الكحولية: قفزة 5.3%
التبغ والدخان: ارتفاع 7.8%
الإيجار الفعلي للمسكن: زيادة 0.8%
صيانة المسكن: ارتفاع 1.7%
الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى: زيادة 0.1%
التحليل الاقتصادي المتعمق
مقارنة بالبيانات السنوية
على الصعيد السنوي، لا تزال بعض القطاعات تشهد ضغوطاً تضخمية كبيرة:
الفاكهة: ارتفاع 44.8% على أساس سنوي
الكهرباء والوقود: زيادة 43.6%
خدمات الرعاية الصحية: ارتفاع 37.7%
النقل والمواصلات: زيادة 34.8%
التعليم: ارتفاع 10.0%
هذه الأرقام تُشير إلى أن الضغوط الهيكلية على الأسعار لم تتراجع بالكامل، وأن هناك قطاعات تتأثر بشكل مباشر بارتفاع تكاليف الطاقة والإصلاحات الاقتصادية الجارية.
مقارنة مع التضخم في المدن
سجل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية 13.9% في يوليو، مقارنة بـ 14.9% في يونيو، مما يُظهر تناسقاً في مسار التحسن عبر مختلف المناطق الجغرافية.
السياق الإقليمي والعالمي
تأثير أسعار الغذاء العالمية
في المقابل، شهدت أسعار الغذاء العالمية ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عامين خلال يوليو 2025، بحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، مما يعكس نجاح مصر في عزل اقتصادها المحلي نسبياً عن هذه التطورات العالمية من خلال:
تعزيز الإنتاج المحلي
تحسين سلاسل الإمداد
السياسات النقدية الفعالة
التوقعات والآثار المستقبلية
موقف البنك المركزي المصري
حافظ البنك المركزي على ثبات أسعار الفائدة في اجتماعه الأخير، مع الإبقاء على سعري الإيداع والإقراض عند 24% و 25% على التوالي، مما يعكس حذراً في السياسة النقدية رغم تحسن مؤشرات التضخم.
توقعات الخبراء الاقتصاديين
يتوقع المحللون الاقتصاديون:
استقرار معدل التضخم عند مستوياته الحالية خلال النصف الثاني من 2025
تراجع تدريجي في معدلات التضخم خلال 2026
وصول التضخم للمستهدف البالغ 7% (±2%) بحلول نهاية الربع الرابع من 2026










