يبدأ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني اليوم زيارة إقليمية حساسة تستغرق ثلاثة أيام تشمل العراق ولبنان، في أول جولة خارجية له منذ توليه منصبه، وسط توترات متصاعدة حول قانون الحشد الشعبي العراقي وقرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله.
الزيارة التاريخية والأهداف المعلنة
غادر علي لاريجاني طهران الإثنين 10 أغسطس 2025 متوجها إلى بغداد في أول زيارة رسمية له منذ تعيينه أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني خلفا لعلي أكبر أحمديان عقب حرب الـ 12 يوما بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي.
قال لاريجاني قبيل مغادرته طهران: “تعاوننا مع الحكومة اللبنانية مديد وعميق. نتشاور بمختلف القضايا الإقليمية. في هذا السياق المحدد، نتواصل مع المسؤولين اللبنانيين والشخصيات المؤثرة في لبنان”. وأكد أن الهدف من زيارته تعزيز العلاقات وتوقيع اتفاقية أمنية مع بغداد، مؤكدا أن هذه الاتفاقية “مهمة”.
العراق: قانون الحشد الشعبي تحت المجهر
يأتي توقيت زيارة لاريجاني للعراق وسط جدل متزايد حول قانون الحشد الشعبي، حيث التقى بمستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي لبحث التعاون الثنائي.
الضغوط الأمريكية على القانون
حذرت السفارة الأمريكية في بغداد من قانون الحشد الشعبي، قائلة إنه سيؤسس لنفوذ إيران ويقوي شوكة الجماعات المسلحة.
وجدد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قلق واشنطن البالغ إزاء مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي، معتبرا أن “أي تشريع من هذا القبيل من شأنه أن يرسخ النفوذ الإيراني والجماعات المسلحة، مما يقوض سيادة العراق”.
موقف الحكومة العراقية
رد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على الانتقادات الأمريكية خلال لقائه بلاريجاني، مؤكدا أن “طرح قانون الحشد الشعبي أمام البرلمان يأتي ضمن مسار الإصلاح الأمني، الذي انتهجته الحكومة، وهو جزء من البرنامج الحكومي المعتمد من البرلمان”.
وشدد السوداني على أن الحشد الشعبي “هو مؤسسة عسكرية عراقية رسمية تعمل في ظل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة”.
تفاصيل القانون المثير للجدل
ينص قانون هيئة الحشد الشعبي رقم (40) لسنة 2016 على أن الحشد الشعبي “تشكيلا عسكريا مستقلا وجزءا من القوات المسلحة العراقية ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة”.
ويهدف التعديل الجديد إلى دمج الحشد الشعبي ضمن المنظومة العسكرية الرسمية، مع منحه صلاحيات تنظيمية وأمنية واسعة.
الاتفاقية الأمنية العراقية-الإيرانية
رعى السوداني توقيع مذكرة تفاهم أمنية مشتركة بين مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي ولاريجاني، تتعلق بالتنسيق الأمني للحدود المشتركة بين البلدين.
وأكد السوداني سعي العراق “إلى تطوير العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتعزيز الشراكات المثمرة في مختلف الصعد والمجالات”.
لبنان: معركة نزع سلاح حزب الله
تأتي المحطة الثانية لجولة لاريجاني في لبنان وسط أزمة حادة حول نزع سلاح حزب الله، حيث اتخذت الحكومة اللبنانية قرارا تاريخيا بحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الحالي.
القرار اللبناني التاريخي
أعلن وزير الإعلام اللبناني بول مرقص أن مجلس الوزراء وافق على “إنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي بما فيه حزب الله”.
وكلفت الحكومة الجيش وضع خطة تطبيقية لنزع سلاح الحزب المدعوم من طهران قبل نهاية العام الحالي.
تفاصيل الخطة الأمريكية
تحدد الخطة التي ناقشها مجلس الوزراء اللبناني أكثر الخطوات تفصيلا حتى الآن لنزع سلاح حزب الله. تقضي المرحلة الأولى بأن تصدر الحكومة اللبنانية، في غضون 15 يوما، مرسوما تلتزم فيه بنزع سلاح حزب الله تماما بحلول 31 ديسمبر 2025.
المرحلة الثانية تتطلب أن يبدأ لبنان في تنفيذ خطة نزع السلاح خلال 60 يوما، وستبدأ إسرائيل في الانسحاب من المواقع التي تسيطر عليها في جنوب لبنان.
المرحلة الثالثة تنص على انسحاب إسرائيل في غضون 90 يوما من آخر نقطتين من النقاط الخمس التي تسيطر عليها.
المرحلة الرابعة تقضي بتفكيك ما تبقى لدى حزب الله من أسلحة ثقيلة، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، في غضون 120 يوما.
الموقف الإيراني الرافض
أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي معارضة طهران لنزع سلاح حزب الله، قائلا: “أي قرار في هذا الشأن سيعود في نهاية المطاف إلى حزب الله. نحن ندعمه عن بعد، لكننا لا نتدخل في قراراته”.
وشدد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، على رفض طهران نزع سلاح حزب الله، قائلا: “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعارض بالتأكيد نزع سلاح حزب الله، لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك”.
واعتبر ولايتي أن نزع سلاح حزب الله “حلم لن يتحقق”، مضيفا: “ليست المرة الأولى التي تطرح فيها مثل هذه الأفكار في لبنان. لكنها كما فشلت سابقا ستفشل هذه المرة أيضا، والمقاومة ستصمد في مواجهة هذه المؤامرات”.
الرد اللبناني الحاسم
وردت وزارة الخارجية اللبنانية بقوة على التصريحات الإيرانية، حيث أعربت عن استنكارها “للتصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون إيرانيون، والتي تعتبر تدخلا سافرا وغير مقبول في الشؤون اللبنانية”.
وأكدت الخارجية اللبنانية أنها “لن تسمح لأي جهة خارجية، سواء كانت صديقة أو معادية، بأن تتحدث باسم شعب لبنان أو تدعي الحق في الوصاية على قراراته السيادية”.
وشددت الخارجية اللبنانية على أن “الدولة اللبنانية ستبقى ثابتة في الدفاع عن سيادتها، وسترد بما تقتضيه الأعراف على أي محاولة للنيل من هيبة قراراتها أو التحريض عليها”.










