أثارت كاثرين كلارك، نائبة زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، جدلاً واسعاً بعد وصفها حرب إسرائيل على قطاع غزة بأنها “إبادة جماعية” خلال فعالية في دائرتها الانتخابية بولاية ماساتشوستس يوم الخميس، وفقاً لمقطع فيديو حصل عليه موقع “أكسيوس”.
وتُعتبر كلارك أعلى مسؤول رتبة في الكونجرس الأمريكي يستخدم هذا الوصف للصراع في غزة، مما يُسلط الضوء على التحول المتزايد في موقف الحزب الديمقراطي من السياسة الإسرائيلية.
تفاصيل التصريحات والسياق
جاءت تصريحات كاثرين كلارك خلال مواجهة مع مجموعة من المحتجين المؤيدين للفلسطينيين في فعالية أقيمت في مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس.
وقالت كلارك في المقطع المُسجل: “علينا جميعاً أن نحافظ على قلوب منفتحة بشأن كيف نتخذ إجراءات في الوقت المناسب لإحداث فرق، سواء كان ذلك بوقف التجويع والإبادة الجماعية وتدمير غزة، أو كان يعني أننا نعمل معاً لوقف إعادة تقسيم الدوائر الجارية”.
وأضافت النائبة الديمقراطية: “إنه أمر مرهق أن نفعل كل ذلك، لكن علينا القيام به”، مؤكدة على ضرورة اتخاذ إجراءات عملية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
موقع كلارك في الهيكل القيادي الديمقراطي
تشغل كاثرين كلارك منصب النائبة الثانية لزعيم الأقلية حكيم جيفريز في مجلس النواب، مما يجعلها ثاني أعلى مسؤول ديمقراطي في المجلس.
وتُعتبر كلارك، التي تمثل الدائرة الانتخابية الخامسة في ولاية ماساتشوستس، من الأعضاء المؤثرين في الحزب الديمقراطي ولها تاريخ طويل في دعم القضايا التقدمية.
من جهته، كان حكيم جيفريز ينتقد الحكومة الإسرائيلية أحياناً، لكنه كان داعماً لإسرائيل بشكل عام طوال مسيرته السياسية. وقد وُصف جيفريز بأنه “مؤيد قوي لإسرائيل” من قبل منظمة AIPAC ومجموعة “الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل”.
عضوية كلارك في مجموعة متنامية من المشرعين
بحسب موقع الأخبار “Zeteo”، فإن كاثرين كلارك تنضم إلى مجموعة من 13 عضواً آخرين في مجلس النواب استخدموا كلمة “إبادة جماعية” لوصف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتضم هذه المجموعة 12 ديمقراطياً تقدمياً، بالإضافة إلى النائبة اليمينية مارجوري تايلور جرين، وهي جمهورية من ولاية جورجيا.
وتُعتبر مارجوري تايلور جرين أول عضو جمهوري في الكونجرس يستخدم مصطلح “الإبادة الجماعية” لوصف الوضع في غزة، مما يُشير إلى تصدع متزايد داخل الحزب الجمهوري حول السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل.
وقالت جرين في تصريح سابق: “من الحقيقي والسهل القول إن أحداث 7 أكتوبر في إسرائيل كانت مروعة وأن جميع الرهائن يجب أن يعودوا، لكن كذلك الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية والمجاعة التي تحدث في غزة”.
رد المتحدثة باسم كلارك
سعت المتحدثة باسم كاثرين كلارك، جوي لي، للتوضيح أن موقف النائبة من الحرب لم يتغير. وقالت لي في بيان: “موقف النائبة كلارك من الحرب لم يتغير. الأمن والسلام للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال وقف إطلاق نار دائم، والعودة الفورية لجميع الرهائن المتبقين، وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
وأضافت: “لا ينبغي أن يكون مثيراً للجدل القول إن الأطفال الإسرائيليين لم يستحقوا أن يُخطفوا ويُقتلوا على يد حماس، كما لا ينبغي أن يكون مثيراً للجدل القول إن الأطفال الفلسطينيين، الذين لا يتحملون مسؤولية عن فظائع حماس، لا يستحقون أن يُقتلوا بالحرب أو الجوع”.
التحول في موقف الحزب الديمقراطي
تأتي تصريحات كاثرين كلارك في وقت تشهد فيه قاعدة الحزب الديمقراطي تحولاً ملحوظاً في موقفها من إسرائيل. وتشير استطلاعات الرأي الحديثة إلى أن 8% فقط من الديمقراطيين يؤيدون أفعال إسرائيل في غزة، مقارنة بـ71% من الجمهوريين.
وقد دفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة أعضاء ديمقراطيين آخرين لاتخاذ مواقف أكثر انتقاداً لإسرائيل. فعلى سبيل المثال، وقع أكثر من اثني عشر عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب على رسالة تحث إدارة ترامب على الاعتراف بدولة فلسطينية.
مواقف أعضاء الكونجرس الآخرين
من بين الأعضاء البارزين الذين استخدموا مصطلح “الإبادة الجماعية” النائبة راشيدا طليب، الوحيدة من أصل فلسطيني في الكونجرس، والنائبة أيانا بريسلي.
كما انتقدت النائبة سمر لي إسرائيل بقولها: “الولايات المتحدة يجب أن تتوقف عن تمويل المجاعة المدبرة والإبادة الجماعية من قبل إسرائيل”.
من جهة أخرى، أعرب أعضاء آخرون في مجلس النواب الأمريكي عن قلقهم بشأن الوضع الإنساني في غزة دون استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية” بشكل مباشر. على سبيل المثال، قال النائب جيك أوشينكلوس: “الظروف الإنسانية الناتجة غير مقبولة تماماً. حماس تتحمل المسؤولية لكن إسرائيل تتحمل المسؤولية. الجوع غير مقبول”.
تأثير جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل
تواجه كاثرين كلارك وأعضاء الكونجرس الآخرين ضغوطاً من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، وخاصة منظمة AIPAC التي تُبرز كلارك على موقعها الإلكتروني ضمن أعلى ستة جمهوريين وديمقراطيين في مجلس النواب مع التعليق: “نحن نقف مع أولئك الذين يقفون مع إسرائيل”.
وقد شهدت الأسابيع الأخيرة سفر 14 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب إلى إسرائيل في رحلة ترعاها AIPAC، مما أثار انتقادات من النشطاء الذين يرون في ذلك دليلاً على “سيطرة اللوبي الإسرائيلي على السياسيين الأمريكيين”.
السياق الدولي والقانوني
تتماشى تصريحات كاثرين كلارك مع تقييمات منظمات حقوق الإنسان البارزة وخبراء الأمم المتحدة الذين وصفوا أعمال إسرائيل في غزة بأنها تتماشى مع تعريف الإبادة الجماعية. وتُعرّف الأمم المتحدة الإبادة الجماعية بأنها أعمال “ترتكب بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً”.
وقد أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 60,000 شخص وترك معظم غزة في حالة خراب، وفقاً للتقارير. كما تشير التقارير إلى وفاة أكثر من 127 فلسطينياً بسبب سوء التغذية في غزة.
ردود الأفعال والتداعيات السياسية
أثارت تصريحات كاثرين كلارك نقاشات واسعة في الأوساط السياسية الأميركية، خاصة وأنها تأتي من مسؤول رفيع المستوى في الحزب الديمقراطي. ويُتوقع أن تزيد هذه التصريحات من الضغط على القيادة الديمقراطية لاتخاذ موقف أكثر حزماً من السياسة الإسرائيلية.
كما تُسلط التصريحات الضوء على التحديات التي تواجه القيادة الديمقراطية في التوفيق بين مواقف قاعدتها الشعبية المتنامية المناهضة للحرب على غزة وبين العلاقات التقليدية مع إسرائيل. وتشير الاستطلاعات إلى أن غالبية الديمقراطيين يعارضون الآن السياسة الإسرائيلية في غزة.










