أثار ظهور أفعى ضخمة يقدّر طولها بأكثر من ثمانية أمتار في منطقة العجيلية التابعة لقضاء يثرب جنوبي محافظة صلاح الدين جدلاً واسعاً بين السكان المحليين، وسط مطالبات للجهات البيئية المختصة بالتدخل لدراسة هذه الظاهرة الغريبة.
تفاصيل الحادثة ومشاهدات الأهالي
تقع منطقة العجيلية في قضاء يثرب، الذي يبعد حوالي 45 كيلومتراً شمال العاصمة بغداد ويقع على ضفاف نهر دجلة.
وقد أكد السكان المحليون أن هذه الأفعى الضخمة ليست ظاهرة جديدة، بل شوهدت منذ سنوات طويلة في محيط المنطقة، تحديداً قرب منزل المرحوم محمود العبودي.
وطالب الأهالي في يثرب الجهات البيئية المختصة بإرسال فرق ميدانية لدراسة الظاهرة، والتأكد مما إذا كانت الأفعى من الأنواع النادرة أو المهددة بالانقراض، أو أنها تشكل خطراً على حياة السكان.
السياق البيئي والأسباب المحتملة
رأى مختصون في الشأن البيئي أن ظهور أفاعٍ بهذا الحجم في مناطق مأهولة يرتبط بضعف الرقابة البيئية وتراجع نشاط فرق متابعة الحياة البرية في العراق، خصوصاً في المناطق الزراعية والسهول التي تُعد بيئة طبيعية للزواحف والكائنات البرية.
كما أشار الخبراء إلى أن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة تسهم في دفع بعض الأنواع إلى الاقتراب من المناطق السكنية. وأن تراجع الاهتمام بالمحميات الطبيعية، وضعف الخطط الرسمية لحماية التنوع الإحيائي، جعلا من هذه الظواهر أكثر شيوعاً في السنوات الأخيرة.
حالات مشابهة في العراق
أناكوندا الكوت – محافظة واسط
شهدت محافظة واسط في أبريل 2024 حادثة مشابهة عندما ظهرت أفعى ضخمة يقدّر طولها بستة أمتار في حي الحكيم بمدينة الكوت، مما أثار رعب الأهالي وعطّل المشاريع في المنطقة. وقد وثقت كاميرات المراقبة دخول هذه الأفعى وسط الأحياء السكنية، مما دفع المحافظة إلى إعلان حملة لاصطياد الأفعى العملاقة.
أفعى أهوار الجبايش – ذي قار
في سبتمبر 2018، أجرى كادر فني من منظمة المناخ الأخضر العراقية ومنظمة الجبايش للسياحة البيئية مسحاً مستفيضاً للتحقق من مشاهدات متعددة لأفعى عملاقة في أهوار الجبايش بمحافظة ذي قار، لكن لم يتمكنوا من الحصول على دليل علمي لتواجد هذا النوع من الأفاعي.
خبراء الأفاعي العراقيون وتنوع الأنواع
يؤكد أحمد العداد، المغامر الميداني والمتخصص في عالم الأفاعي من محافظة صلاح الدين، أن البيئة العراقية تضم 52 نوعاً من الأفاعي، منها 36 نوعاً غير سام و11 نوعاً سام جداً وقاتل، وخمسة أنواع ضعيفة السمية.
ويشير العداد إلى أن معظم الأفاعي العراقية غير سامة ومفيدة للبيئة، حيث تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على التوازن البيئي من خلال القضاء على القوارض والأفاعي السامة والحشرات الضارة.
التحديات البيئية المعاصرة
تشهد العديد من المناطق العراقية ظهوراً متزايداً للأفاعي والزواحف النادرة، مما يعكس تحديات بيئية أوسع تواجه البلاد. فقد سجلت محافظات مختلفة ظهور أفاعٍ وأسراب حيوانات برية قريبة من التجمعات البشرية في السنوات الأخيرة.
وفي هذا السياق، أكدت دراسات علمية حديثة أن العراق يضم تنوعاً حيوياً غنياً يشمل أنواعاً نادرة من الأفاعي. كما تم تسجيل اكتشافات جديدة مؤخراً، مثل اكتشاف نوع جديد من الأفاعي البحرية السامة في المياه الإقليمية العراقية لأول مرة في يوليو 2025.
الدعوات للحفاظ على التنوع البيولوجي
يدعو المختصون إلى ضرورة تطوير استراتيجيات شاملة للتعامل مع الحياة البرية في العراق، تشمل إنشاء محميات طبيعية متخصصة وتدريب فرق علمية قادرة على التعامل مع هذه الحالات. كما يؤكدون على أهمية التوعية البيئية لإزالة الخوف غير المبرر من الأفاعي غير السامة التي تلعب دوراً إيجابياً في النظام البيئي.
تبقى حالة أفعى العجيلية الضخمة في يثرب مثالاً على التحديات البيئية المعاصرة التي تتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمختصين والمجتمعات المحلية لضمان التعايش الآمن مع الطبيعة مع الحفاظ على التنوع البيولوجي الثري في العراق.










