كشفت مصادر سورية عن اعتقال السلطات السورية للقيادي البارز في هيئة تحرير الشام أحمد العبدالله، المعروف بـ”أبو الميش السراوي” للتحقيق في جرائم الساحل السوري ضد الطائفة العلوية، وذلك بعد الانتقادات الواسعة وتقارير الأمم المتحدة وارتفاع الغضب الدولي ضد سلطة الشرع.
خلفية الاعتقال والضغوط الدولية
أوضحت المصادر للمنشر الإخباري أن اعتقال “أبو الميش السراوي” جاء بعد الانتقادات الواسعة وتقارير الأمم المتحدة التي وثقت ارتكاب مجازر ضد الأقليات في سوريا، بالإضافة إلى ارتفاع الغضب الدولي ضد سلطة الشرع بعد الجرائم المرتكبة بحق الطائفة الدرزية في السويداء.
كانت منظمة العفو الدولية قد طالبت في أبريل 2025 الحكومة السورية بضمان محاسبة مرتكبي موجة عمليات القتل الجماعي التي استهدفت المدنيين العلويين في المناطق الساحلية، حيث قُتل أكثر من 100 شخص في مدينة بانياس يومي 8 و9 مارس 2025.
الظهور الأخير والتهديدات للدروز
كان آخر ظهور لـ”أبو الميش السراوي” خلال الهجوم الذي نفذته قوات الشرع وعشائر البدو على محافظة السويداء. ظهر في فيديو علني يهدد فيه الطائفة الدرزية بتسليم أنفسهم، مما أثار مخاوف من تجدد التوترات الطائفية في البلاد.
يُعتبر ظهور “أبو الميش السراوي” في هذا الفيديو تطوراً خطيراً في التصعيد الطائفي، خاصة أن القائد يُشار إليه كأحد المشاركين في مجازر الساحل السوري. ظهر في الفيديو ينفي ادعاءات سلطة الشرع بإلقاء القبض عليه، مما أثار تساؤلات حول مدى سيطرة الحكومة السورية الجديدة على عناصرها العسكرية.
سجل إجرامي طويل في المجازر
يوصف “أبو الميش السراوي” بأنه أحد أبرز منفّذي المجازر والانتهاكات الطائفية التي وقعت خلال الأحداث الدموية في منطقة الساحل السوري. تشمل جرائمه المزعومة:
مجازر الساحل السوري (مارس 2025)
المشاركة في قتل أكثر من 100 مدني علوي في بانياس
تنفيذ عمليات قتل متعمدة وموجهة ضد الأقلية العلوية
إجبار عائلات الضحايا على دفن أحبائهم في مواقع دفن جماعية دون شعائر دينية
الحملة ضد الدروز (يوليو 2025)
قيادة الحملة الوحشية التي نفذتها عناصر هيئة تحرير الشام ضد أهالي السويداء
المشاركة في مخطط التطهير الطائفي ضد الطائفة الدرزية
إصدار تهديدات علنية للمدنيين الدروز
التصعيد في السويداء والمواجهات الدامية
شهدت محافظة السويداء اشتباكات دامية راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل بين الدروز وقوات موالية للحكومة السورية الجديدة. بدأت الأحداث في 13 يوليو 2025 باختطاف أحد الدروز على يد مجموعة مسلحة من العرب السنة.
تصاعدت الأوضاع بسرعة، حيث أحاطت مجموعات مسلحة درزية بحي المقوّس الذي يقطنه البدو بأغلبيته، قبل أن ينتشر العنف إلى مناطق مختلفة من المحافظة. واجهت القوات الحكومية مقاومة شرسة من الميليشيات الدرزية التي ترفض تسليم أسلحتها.
الدور الإسرائيلي والتدخل العسكري
في تطور مثير، تدخلت إسرائيل عسكرياً لحماية الدروز، حيث قصفت قوات الجيش السوري المتجهة نحو السويداء. أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أن الضربات كانت “تحذيراً واضحاً” للنظام السوري.
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تقوم هيئة تحرير الشام بقتل الدروز”، وأصدر تعليماته للجيش بالتدخل عند الضرورة. هذا التدخل الإسرائيلي عقّد الوضع أكثر وأثار مخاوف من توسع الصراع إقليمياً.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
أدانت الخارجية الأمريكية الأحداث في المناطق الدرزية ودعت لوقف أعمال العنف والخطاب التحريضي ضد مكونات المجتمع الدرزي. كما طالب شيخ عقل الدروز الشيخ حكمت الهجري بالتدخل الدولي السريع لوقف ما وصفه بـ”استمرار الجرائم” بحق أبناء الطائفة.
في المقابل, اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن الأحداث “فتنة طائفية افتعلتها إسرائيل”، وقال: “لا نقبل استغلال أهالي السويداء من قبل إسرائيل وحماية السويداء وسكانها مسؤولية الدولة السورية”.
تحديات سلطة الشرع
يواجه الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع (الجولاني) تحديات متزايدة في السيطرة على الوضع الأمني. ظهور قادة مثل “أبو الميش السراوي” في فيديوهات علنية رغم ادعاءات اعتقالهم يعكس ضعف السيطرة على العناصر المسلحة المختلفة.
تشهد هيئة تحرير الشام نفسها انقسامات داخلية، حيث ظهرت مجموعة تسمي نفسها “أحرار هيئة تحرير الشام” تنتقد توجهات الجولاني وتهدد بالعمل ضده. هذه الانقسامات تضعف من قدرة الشرع على التحكم في مرؤوسيه.
الوضع الحالي والتطلعات المستقبلية
رغم اعتقال “أبو الميش السراوي” المزعوم، تستمر التوترات الطائفية في سوريا. الدروز الذين يشكلون حوالي 700,000 شخص موزعين في السويداء وحول دمشق، يطالبون بـالاستقلالية النسبية أو على الأقل الحفاظ على هويتهم الثقافية الدينية.
من جانبها، تسعى هيئة تحرير الشام إلى نزع سلاح الميليشيات وتوحيد السلطة تحت الحكومة المركزية، لكنها تواجه مقاومة شديدة من الأقليات التي تخشى على مستقبلها في ظل الحكم الإسلامي الجديد.










