في تطور مثير للجدل، عين الرئيس السوري أحمد الشرع إبراهيم عبد الملك علبي سفيراً مفوضاً فوق العادة ومندوباً دائماً للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وسط مخاوف متزايدة من تسلل عناصر مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين إلى مناصب قيادية في النظام الجديد.
خلفية العائلية المثيرة للجدل
يأتي هذا التعيين في ظل كشف معلومات مثيرة للجدل حول الخلفية العائلية للسفير الجديد. فإبراهيم علبي هو ابن عبد الملك علبي، الذي كان أحد القيادات البارزة في تنظيم الإخوان المسلمين وعضواً في مجلس شورى الجماعة.
وقد نعت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الأخ المهندس عبد الملك علبي عام 2021، واصفة إياه بأنه “من النماذج الفريدة التي عز مثيلها”.
إبراهيم علبي، المولود في الرياض ويحمل الجنسيتين البريطانية والألمانية إلى جانب الجنسية السورية، يُعتبر من أبرز المحامين الشباب في مجال حقوق الإنسان.
وتلقى إبراهيم علبي تعليمه في مدارس الملك فيصل بالرياض، ثم نال البكالوريوس والماجستير في القانون من جامعة مانشستر، متخصصاً في القانون الدولي وأمنه، قبل أن يكمل ماجستير السياسات العامة في جامعة أكسفورد.

شبكة الدعم القطرية والبريطانية
تشير التحقيقات الاستقصائية إلى أن قطر تُعتبر الداعم الأول للقيادات الإخوانية، حيث خصصت 72 مليون يورو لمنظمات الإخوان في القارة الأوروبية، و37 مليون جنيه إسترليني للجماعة في بريطانيا.
كما أصبحت لندن المركز الرئيسي الجديد للجماعة بعد الدوحة، حيث توزع أعضاء الجماعة على 4 مقار للخدمة الإدارية، بتمويل قطري مستمر.
وقد احتضنت بريطانيا قيادات جماعة الإخوان المسلمين ومنحتهم فرصة للمشاركة المجتمعية، مما استغله التنظيم في توسيع نفوذه من خلال الخطاب المزدوج.

هذا الأمر دفع العديد من النواب داخل البرلمان البريطاني للمطالبة بحظر تنظيم الإخوان المسلمين، خاصة بعد تقارير أمنية تشير إلى تهديد الإخوان للأمن القومي البريطاني.
تقرير الأمم المتحدة ومحاولات التلاعب بالرأي العام
في تطور لافت، حاول إبراهيم علبي في منشورات سابقة على وسائل التواصل الاجتماعي التشكيك في تقرير رويترز حول مجازر الساحل السوري، مدعياً أن التقرير اعتمد على مصادر وهمية.
وقد كشف المرصد الديموقراطي السوري بدليل قاطع اعتماد تقرير الأمم المتحدة على قنوات تيلغرام وهمية، وتزييف مواعيد صدور بيانات الداخلية لمحاولة تبرئة الحكومة من المسؤولية عن المجازر.
لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا خلصت في تقريرها إلى أن أعمال العنف التي اجتاحت الساحل وغرب وسط سوريا منذ يناير 2025 “قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب”.

وشملت هذه الأعمال القتل والتعذيب والأفعال اللاإنسانية، والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.
الجذور الفكرية لهيئة تحرير الشام والإخوان المسلمين
تشير الدراسات إلى وجود مفاهيم كبرى تشترك فيها كل الجماعات والتنظيمات من الإخوان إلى القاعدة، وتعد الحاكمية هي الفكرة الكبرى التي تأسست عليها أطروحة هذه التيارات.
وقد أشاد أحمد الشرع الجولاني في عام 2017 بالأيديولوجية المشتركة لتنظيم القاعدة والإخوان المسلمين.
هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع (الجولاني)، تحتفظ بارتباط وثيق بفكر الإخوان المسلمين، وهو ما يعكسه دعم تركيا للهيئة.
تحديات المرحلة الانتقالية
يأتي هذا التعيين وسط تحديات كبيرة تواجه المرحلة الانتقالية في سوريا، حيث تسلم الرئيس أحمد الشرع النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب وسط جدل حاد حول طبيعة هذا النظام.
وتثار مخاوف من المحاصصة الطائفية والمناطقية، وقدرة النظام الفعلية على تمثيل كافة أطياف الشعب السوري.

كما يطرح تعيين إبراهيم علبي مندوباً لسوريا في الأمم المتحدة تساؤلات جدية حول طبيعة التوجه الجديد للحكم في سوريا، خاصة في ظل خلفيته العائلية المرتبطة بالإخوان المسلمين والدعم القطري والبريطاني للجماعة.
هذا التطور يأتي في وقت تشهد فيه سوريا مرحلة انتقالية حساسة تحتاج إلى توازن دقيق بين جميع مكونات المجتمع السوري.
إن التسلل المتزايد لعناصر مرتبطة بالإخوان المسلمين إلى مناصب قيادية في النظام الجديد يثير مخاوف حقيقية من إعادة إنتاج نموذج حكم طائفي جديد، قد يعيد سوريا إلى دوامة الصراعات والانقسامات التي عانت منها على مدى عقود.










