الشيخ السلفي محمد شمس الدين واستقبال حار من طلابه في سوريا: هل سنشهد انتشار النهج السلفي بكثافة؟
تشهد سوريا الجديدة تطوراً لافتاً في المشهد الديني والفكري، حيث يلاحظ المراقبون تزايد نشاط الدعاة السلفيين وازديادهم تأثيراً في الشارع السوري، وسط تساؤلات حول مستقبل النهج السلفي في البلاد التي تتعافى من عقود من القمع والحرب.
الشيخ محمد بن شمس الدين: تأثير متنامٍ في سوريا
برز الشيخ محمد بن شمس الدين كأحد أبرز الدعاة السلفيين الذين يحظون بشعبية واسعة في الشارع السوري الجديد. ويُعتبر من الشخصيات المؤثرة في الدعوة السلفية، حيث يتابعه مئات الآلاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أثار تأثير الشيخ محمد بن شمس الدين جدلاً واسعاً، حيث اتهمه بعض منتقديه بأنه كان “السبب في تعذيب وامتحان المعتقلين السلفيين في سجون بشار الأسد” من خلال نشر مقاطع تعليمية عن الوضوء والصلاة، مما مكّن السجانين من اكتشاف هوية المعتقلين السلفيين.
مواجهات وتهديدات من التيارات المناوئة
شهدت الساحة السورية تهديدات مباشرة ضد الشيخ محمد بن شمس الدين من قبل أشخاص ينتمون للتيار الصوفي الأشعري، حيث تلقى تهديدات بالعنف إذا ما حاول إلقاء خطب في المساجد السورية. وقال أحد المهددين في تسجيل صوتي: “صدقني يا محمد شمس الدين لتأكل علقة… إذا بيشوفوك بالميادين ولا بدمشق ولا بحماة ولا بحمص”.
هيئة تحرير الشام والمنهج السلفي الجهادي
تُعتبر هيئة تحرير الشام التي تحكم سوريا حالياً بقيادة أحمد الشرع جزءاً من التيار السلفي الجهادي. وقد نشأت الهيئة من رحم جبهة النصرة سابقاً، وتحمل في فكرها وممارساتها العديد من خصائص السلفية الجهادية.
المبادئ الأساسية للسلفية الجهادية:
- مبدأ الحاكمية لله: يعني أن تكون الشريعة الإسلامية المرجعية الوحيدة في التشريع والحكم
- رفض الديمقراطية: باعتبارها كفراً وشركاً بالله
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من خلال فرض الرؤية الإسلامية في الشوارع
- قتال العدو القريب: أي الأنظمة الحاكمة في الدول ذات الغالبية المسلمة
مؤشرات انتشار النهج السلفي في سوريا
1. التغيرات في النشاط الدعوي
شهدت مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام تطوراً في النشاط الدعوي، حيث فتحت المجال أمام تأسيس العديد من المراكز والمعاهد الشرعية. كما لوحظ ظهور نموذج عصري بعيد عن الجهاد في بعض النشاطات، مع تغييب الرايات السوداء ومظاهر التشدد.
2. انتشار المطبوعات السلفية
تشير التقارير إلى افتتاح مكتبات في الشمال السوري توزع المطبوعات والكتيبات السلفية مجاناً، بما يشمل كتب وفتاوى ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب.
3. تغيير المناهج التعليمية
يسعى التيار السلفي إلى تغيير المناهج الدراسية في جميع مستويات التعليم بما يتوافق مع المنهج الإسلامي السلفي.
التحديات والمخاوف
القنبلة السلفية والسلم الأهلي
يحذر المراقبون من “القنبلة السلفية” وتأثيرها على السلم الأهلي في سوريا. فالإسلام السني في سوريا متنوع وغير سلفي في أكثريته، والسلفية انتشرت بشكل أساسي في تسعينيات القرن الماضي.
مخاوف الأقليات
تتخوف الطوائف غير السنية من تهميشها في الحياة الاجتماعية، مع محاولات دمجهم بدعوتهم للإسلام أو محاربتهم بذريعة الجهاد. وقد شهدت مناطق مختلفة في سوريا توترات من هذا النوع.
التقسيم الجغرافي والطائفي
تدخل سوريا عام 2025 مرحلة مفصلية تبدو فيها أقرب من أي وقت مضى إلى سيناريو التقسيم الفعلي. حيث تسيطر هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على حوالي 60% من الأراضي السورية، بينما تحتفظ قوات سوريا الديمقراطية بنحو 30% من المساحة.
مستقبل غامض للنهج السلفي
تشير المؤشرات الحالية إلى أن سوريا تشهد بالفعل انتشاراً متنامياً للنهج السلفي، لكن هذا الانتشار يواجه تحديات عديدة تشمل:
- الرفض المجتمعي للتطرف من قبل شرائح واسعة من السوريين
- التنوع المذهبي والطائفي في المجتمع السوري
- تراجع الدعم الخليجي للتيارات السلفية
- الضغوط الدولية للتوجه نحو نموذج حكم مدني
النهج السلفي في سوريا يقف اليوم على مفترق طرق: إما التطور نحو شكل أكثر اعتدالاً يتناسب مع طبيعة المجتمع السوري المتنوع، أو الاستمرار في النهج المتشدد الذي قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات والصراعات الداخلية.
