أصدر قاضي التحقيق لدى القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي يوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025، أوامر بالوضع رهن الحبس المؤقت ضد 5 متعاملين اقتصاديين و4 موظفين عموميين، لاتهامهم بالضلوع في جماعة إجرامية منظمة لتبييض الأموال، في واحدة من أكبر قضايا الفساد المالي التي شهدتها الجزائر مؤخرًا.
كشف الشبكة: من معلومة مشبوهة إلى فضيحة كبرى
بدأت القضية عندما وردت معلومات دقيقة إلى مصالح أمن ولاية مستغانم بتاريخ 12 أغسطس 2025 حول وجود أغراض مشبوهة في مركبة من نوع “ماستر”.
وبعد تفتيش المركبة، تم اكتشاف حقائب وأكياس وطرود تحتوي على مبالغ مالية ضخمة بعملات مختلفة.
على إثر ذلك، فتحت المصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة بالغرب في وهران التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني تحقيقًا ابتدائيًا تحت إشراف نيابة الجمهورية لدى القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي، بعد تخلي النيابة المختصة محليًا عن الملف لصالح الاختصاص الوطني.
محجوزات بمليارات الدنانير والعملات الأجنبية
كشفت التحقيقات عن شبكة إجرامية منظمة لتبييض الأموال تمكنت من تحقيق أرباح ضخمة، حيث تم حجز:
الأموال المحجوزة:
1,239,841,500 دينار جزائري (حوالي 124 مليار سنتيم)
1,084,775 يورو
94,400 دولار أمريكي
4,300 ريال سعودي
500 درهم إماراتي
200 فرنك سويسري
الممتلكات المصادرة:
14 مركبة سياحية
إجمالي القيمة التقديرية للأموال المحجوزة يتجاوز 10.5 مليون دولار أمريكي، مما يجعل هذه العملية من أكبر عمليات مكافحة غسيل الأموال في تاريخ الجزائر الحديث.
شبكة متنوعة تضم موظفين ومتعاملين
أسفر التحقيق الابتدائي عن توقيف 9 أشخاص من خلفيات مهنية مختلفة:
الموظفون العموميون (4 أشخاص) هم (ب.ح.ج)،(ب.ح.س)، (ب.م)، (ب.س)
المتعاملون الاقتصاديون (5 أشخاص) هم (ب.ح.أ)،(ب.ر)،(ب.ف.ب)،(س.م)، (م.م)
في حالة فرار (شخصان) هم (س.ص)، (م.د.ح)
تهم جنائية ثقيلة ومتنوعة
بعد تقديم المشتبه فيهم أمام نيابة الجمهورية يوم الثلاثاء، تمت متابعتهم عن طريق التحقيق القضائي من أجل التهم التالية:
جنحة تبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية باستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاط مهني، وجنحة قبول مزية غير مستحقة،وجنحة إساءة استغلال الوظيفة، وجنحة منح موظف عمومي مزية غير مستحقة.
وبعد استجواب المتهمين في الحضور الأول، أمر قاضي التحقيق بوضع جميع المتهمين الحاضرين رهن الحبس المؤقت في انتظار استكمال التحقيقات القضائية.
القطب الجزائي: صرح متخصص في مكافحة الفساد
يُعتبر القطب الجزائي الوطني الاقتصادي والمالي أحد أهم الآليات القضائية المتخصصة في محاربة الفساد والجريمة المنظمة في الجزائر. وبحسب إحصائيات رسمية، فقد عالج القطب 57 قضية يتابع فيها 723 شخصًا و149 شخصًا معنويًا، من بينهم 409 موظفين عموميين و314 متعاملاً خاصًا.
يتولى القطب معالجة قضايا متنوعة تشمل مكافحة جرائم الفساد وتبييض الأموال، مخالفة التشريع الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال، التهريب والجريمة المنظمة عبر الوطنية،وجرائم الإرهاب والتمويل الإرهابي.
السياق الوطني: حرب شاملة على الفساد
تأتي هذه العملية في إطار الحملة الشاملة لمكافحة الفساد التي تقودها السلطات الجزائرية، والتي شهدت عدة قضايا .
تزامنت هذه العملية مع قرار الاتحاد الأوروبي بإدراج الجزائر في قائمة الدول عالية المخاطر في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، مما يستدعي تطبيق درجة أعلى من اليقظة في المعاملات المالية.
هذا القرار الأوروبي قد يؤثر على تعقيد المعاملات المصرفية مع البنوك الأوروبية، زيادة تكاليف التحويلات المالية، تأثير سلبي على الاستثمار الأجنبي، وتشديد الرقابة على الجالية الجزائرية في أوروبا.
الجهود الأمنية المتكاملة
تُظهر هذه العملية فعالية التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والقضائية الجزائرية المديرية العامة للأمن الوطني،والمصلحة الجهوية لمكافحة الجريمة المنظمة (SRLCO) بوهران،القطب الجزائي المتخصص.
مصالح أمن الولايات
وفي سياق متصل، حققت هذه المصالح إنجازات أمنية أخرى، منها ضبط أزيد من قنطار و15 كيلوغرام من الكوكايين في عمليات متفرقة، مما يؤكد على استمرار الجهود في مواجهة الجريمة المنظمة.










