في خطوة عاجلة تعكس خطورة الأزمة المالية التي يمر بها قطاع المستلزمات الطبية في مصر، تقدمت الشعبة العامة للمستلزمات الطبية بمذكرة عاجلة لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مطالبة بالتدخل الفوري لإنقاذ هذا القطاع الحيوي من أزمة السيولة المالية الخانقة.
حجم المديونيات المتراكمة يصل إلى 43 مليار جنيه
كشف محمد إسماعيل عبده، رئيس الشعبة العامة للمستلزمات الطبية بالغرفة التجارية بالقاهرة، عن تفاقم أزمة المديونيات المتراكمة على هيئة الشراء الموحد لصالح شركات قطاع المستلزمات الطبية والدواء، والتي وصلت إلى 43 مليار جنيه. هذا الرقم الضخم يمثل حجم الكارثة المالية التي تواجه أحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد.
وأوضح عبده أن هذه المديونيات الضخمة تسببت في مشكلات جوهرية لشركات وتجار القطاع، خاصة مع الموردين الخارجيين، مما أدى إلى توقف خطوط إنتاج 11 مصنعاً من أصل 40 مصنعاً يعمل في قطاع المستلزمات الطبية بسبب نقص السيولة الناجم عن عدم سداد المستحقات.
تحدٍ أمام المنظومة الصحية المصرية
تمثل هذه الأزمة تهديداً مباشراً للمنظومة الصحية في مصر، حيث يرتبط أكثر من نصف المديونية بالمستلزمات المستهلكة في مستشفيات وزارة الصحة للعلاج المجاني، إضافة إلى مديونيات ناتجة عن العلاج الاقتصادي المقدم من هيئتي التأمين الصحي والتأمين الصحي الشامل والمراكز والمستشفيات الجامعية.
وحذر رئيس الشعبة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤثر على قدرة الشركات على خدمة ملايين المواطنين الذين يترددون يومياً على منشآت الرعاية الصحية، مثل المستشفيات والمراكز العلاجية في جميع أنحاء الجمهورية.
مشكلات متفاقمة مع البنوك والموردين
أشار عبده إلى أن تراكم المديونيات تسبب في مشكلات خطيرة مع البنوك لعدم قدرة الكثير من شركات القطاع على سداد التزاماتها البنكية، خاصة وأن هيئة الشراء الموحد لم تقم بصرف أي مستحقات مالية منذ شهرين على الأقل.
كما أدت الأزمة إلى خلق توترات مع الموردين الخارجيين، الذين بدأوا في إعادة النظر في شروط التعامل مع الشركات المصرية، مما يهدد استقرار سلاسل الإمداد للمواد الطبية الأساسية.
اتفاق مع هيئة الشراء الموحد.. والنتائج المحدودة
رغم التوصل إلى اتفاق مع الدكتور هشام المتولي ستيت، رئيس هيئة الشراء الموحد، في 11 أغسطس الحالي، والذي تضمن حزمة إجراءات عاجلة لإنهاء الأزمة، إلا أن الشعبة العامة للمستلزمات الطبية تؤكد أن النتائج على أرض الواقع لا تزال محدودة.
نص الاتفاق على سداد المستحقات للشركات المتعاملة مع الهيئة خلال العام المالي الحالي، حيث تنقسم المديونية إلى جزأين: الأول يمثل 50-60% من إجمالي المديونية وهو خاص بالعلاج المجاني الذي تقدمه مراكز ومستشفيات وزارة الصحة، بينما الجزء الثاني يتعلق بالعلاج الاقتصادي المقدم من هيئتي التأمين الصحي والمستشفيات الجامعية.
رفع مخصصات هيئة الشراء الموحد
في إطار الحلول المقترحة، أعرب رئيس الشعبة عن تقديره لتدخل رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية أحمد كجوك، ورفع مخصصات هيئة الشراء الموحد من 50 مليار جنيه إلى 100 مليار جنيه في ميزانية العام المالي الحالي، وهو ما يمثل خطوة إيجابية نحو معالجة الأزمة.
تطلعات للحل الجذري
أعرب محمد إسماعيل عبده عن ثقته في سرعة استجابة رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية، نظراً لحرصهما على دعم هذا النشاط الحيوي المؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، متطلعاً إلى قيامهما بالتوجيه بسرعة صرف مستحقات قطاع المستلزمات الطبية.
ودعا إلى ضرورة العمل على إيجاد حلول دائمة لمنع تكرار أزمة تراكم مديونيات الشراء الموحد للقطاع الخاص، بما يضمن استدامة العمل في هذا القطاع الاستراتيجي.
تأثيرات واسعة على السوق
تمثل هيئة الشراء الموحد نحو 60% من حجم السوق المحلي للمستلزمات الطبية، مما يجعل لهذه المديونيات تأثيراً بالغاً على استقرار السوق بأكمله. وهو ما يؤكد ضرورة التدخل العاجل لمنع انهيار أحد أهم القطاعات في الاقتصاد المصري.
خلاصة الموقف
تشير الأرقام والمؤشرات إلى أن الشعبة العامة للمستلزمات الطبية تواجه أزمة حقيقية تهدد ليس فقط الشركات العاملة في القطاع، ولكن المنظومة الصحية في مصر بأكملها. ويبقى الأمل معقوداً على التدخل الحكومي السريع والفعال لإنقاذ هذا القطاع الحيوي من أزمته المالية الخانقة.










