واصلت حركة الشباب، الجناح الصومالي لتنظيم القاعدة، تهديد السلام والاستقرار الإقليميين في القرن الأفريقي طوال شهر يوليو/تموز 2025، حيث نفذت 51 هجوما موثقا خلال الشهر الواحد، مما يؤكد قدرتها الاستثنائية على الصمود العملياتي رغم الجهود المكثفة لمكافحة الإرهاب من قبل القوات الصومالية والكينية وقوات الاتحاد الأفريقي.
هذا الارتفاع الحاد في النشاط الإرهابي يعكس تحولا استراتيجيا خطيرا في قدرات الحركة وطموحاتها الإقليمية، حيث توسعت عملياتها من معقلها التقليدي في جنوب ووسط الصومال لتشمل المناطق الحدودية الكينية والمناطق الاستراتيجية المحيطة بالعاصمة مقديشو.
التصعيد النوعي في النشاط الإرهابي
تراوحت الهجمات الـ51 المسجلة في يوليو 2025 بين عمليات صغيرة النطاق مثل زرع العبوات الناسفة وإطلاق النار المتقطع، وعمليات معقدة واسعة النطاق تشمل هجمات منسقة بالسيارات المفخخة والاقتحامات المسلحة للمواقع العسكرية والحكومية.
أنماط الهجمات الرئيسية، في قدمتها تفجيرات السيارات المفخخة (35% من إجمالي الهجمات)، ونشر كمائن للقوافل العسكرية والمدنية (25%).
وكذلك قصف بقذائف الهاون للمناطق السكنية والحكومية (20%)، وتنفيذ اغتيالات مستهدفة للمسؤولين والشخصيات المؤثرة (12%)، بالإضافة إلى تنفيذ هجمات انتحارية في الأسواق والفنادق (8%)
الانتشار الجغرافي
شهدت خمس مناطق رئيسية تركزا ملحوظا في النشاط الإرهابي منطقة شبيلي السفلى والتي شهدت 18 هجوما (35%)، والعاصمة مقديشو ومحيطها بنحو 13 هجوما (25%)، ومنطقة هيران بمعدل 10 هجمات (20%)، ومنطقة جوبا السفلى شهدت 3 هجمات (6%).
وكذلك شنت حركة الشباب هجمات في شمال شرق كينيا بمعدل 7 هجمات (14%).
الاستراتيجية الجديدة: محاصرة مقديشو
تشير الأدلة إلى أن حركة الشباب تنفذ استراتيجية محاصرة تدريجية للعاصمة الصومالية مقديشو من خلال السيطرة على الطرق والمناطق الاستراتيجية المحيطة بها:
المحاور الاستراتيجية المستهدفة حيث تستهدف الطريق السريع مقديشو-أفجويي (المحور الجنوبي)، وطريق مقديشو-بولوبردي (المحور الشمالي الغربي)، والطريق الساحلي نحو كسمايو (المحور الجنوبي الشرقي)،وكذلك ممرات الإمداد من المطار الدولي والميناء.
تكتيكات الحصار الاقتصادي
الحركة طورت تكتيكات حصار اقتصادي متطورة تهدف إلى فرض “ضرائب” على التجار والمسافرين عبر الطرق المؤدية للعاصمة، وتعطيل سلاسل الإمداد للمواد الغذائية والوقود.
وكذلك استهداف المشاريع التنموية والاستثمارات الأجنبية، وإضعاف الثقة في قدرة الحكومة على حماية المواطنين والتجارة.
التوسع عبر الحدود: كينيا في المرمى
شهدت المقاطعات الكينية الحدودية مع الصومال تصعيدا خطيرا في هجمات حركة الشباب خلال يوليو 2025 مقاطعة غاريسا 3 هجمات على مراكز الشرطة، واستهداف دوريات الأمن بالعبوات الناسفة، مما أسفر عن مقتل 4 رجال أمن وإصابة 12 آخرين
وشنت حركة الشباب في مقاطعة واجير هجومان على القرى الحدودية، وإحراق منازل وتهجير عشرات الأسر، سرقة الماشية والممتلكات
أما مقاطعة مانديرا الكينية فقد شهدت هجوم على حافلة ركاب أسفر عن مقتل 6 مدنيين، وتنفيذ كمين لقافلة إمدادات عسكرية.
التحدي الأساسي يكمن في أن مكافحة الإرهاب لم تعد مجرد مسألة عسكرية، بل تتطلب نهجا شاملا يعالج الأسباب الجذرية للتطرف، ويبني مؤسسات قوية قادرة على توفير الأمن والخدمات للمواطنين.
بدون تغيير جذري في الاستراتيجية والنهج، قد تشهد المنطقة تفاقما مستمرا في التهديد الإرهابي، مما يهدد ليس فقط الصومال وكينيا، بل الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي بأكملها، وقد يؤثر على الأمن البحري الدولي في المحيط الهندي والبحر الأحمر.
الوقت ينفد، والحاجة ماسة لاستجابة حاسمة ومنسقة ومستدامة من المجتمع الدولي والإقليمي لمواجهة هذا التهديد المتنامي قبل أن يصل إلى نقطة اللاعودة
الأهداف الاستراتيجية للتوسع الكيني










