تطور خطير قد يقلب موازين الأزمة النووية الإيرانية، أعلن ثلاثة مصادر مطلعة لصحيفة أكسيوس أن وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أبلغوا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال محادثة هاتفية مؤخراً، عن نيتهم تفعيل آلية الزناد أو ما يُعرف بـ”سناب باك” لإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، وذلك يوم الخميس المقبل.
هذه الخطوة تأتي بعد فشل المحادثات الدبلوماسية التي أُجريت في جنيف يوم الثلاثاء بين الدول الأوروبية الثلاث وإيران، والتي لم تسفر عن أي تقدم ملموس، مما دفع الأوروبيين إلى المضي قدماً في خططهم لاستعادة الضغط الاقتصادي على طهران.
آلية الوناد: سيف مسلط على إيران
تتيح آليةالزناد، التي تم تضمينها في الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة – JCPOA)، للدول الموقعة إعادة تفعيل العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران قبل الاتفاق، في حال ثبت عدم التزام طهران بتعهداتها النووية.
الآلية تعمل بطريقة تلقائية لا يمكن لأي عضو في مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك روسيا والصين، استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع إعادة فرض هذه العقوبات. وتستغرق العملية 30 يوماً كاملاً قبل أن تدخل العقوبات حيز التنفيذ.
في حال تفعيل الآلية، سيتم تلقائياً إعادة فرض ستة قرارات لمجلس الأمن الدولي التي كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق، وتشمل حظر الأسلحة التقليدية من وإلى إيران، قيود على برنامج الصواريخ الباليستية، حظر الأنشطة المتعلقة بالتخصيب النووي، تجميد الأصول وحظر السفر على عشرات الأفراد والكيانات الإيرانية، قيود صارمة على القطاع المصرفي والمالي، عقوبات على قطاع النفط والبتروكيماويات.
التوقيت الحرج: سباق مع الزمن
اختارت الدول الأوروبية الثلاث توقيتاً استراتيجياً لتفعيل الآلية، حيث تريد إنهاء العملية قبل أن تتولى روسيا رئاسة مجلس الأمن الدولي في أكتوبر. موسكو، التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع طهران، قد تستخدم الإجراءات التكتيكية لتأخير أو تعطيل العملية.
كما أن آلية الزناد ستنتهي صلاحيتها في 18 أكتوبر 2025، مما يعني أن الأوروبيين أمام فرصة أخيرة لاستخدام هذه الأداة الدبلوماسية قبل انتهاء الاتفاق النووي رسمياً.
الموقف الإيراني: تحديات وتهديدات
طهران رفضت بشدة هذه الخطوة، محذرة من تبعاتها الخطيرة. كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية، أكد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي أن بلاده ستوقف تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا مضت الدول الأوروبية قدماً في هذا المسار.
التهديدات الإيرانية تشمل وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية نهائياً، الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، تصنيف الدول الأوروبية كـ”دول معادية”، زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أقرب إلى مستوى الأسلحة (90%)
السياق الأوسع: تصاعد الأزمة النووية
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد حاد في التوترات بين إيران والدول الغربية بشأن برنامجها النووي.
الصراع الإيراني-الإسرائيلي في يونيو 2025
شهد شهر يونيو الماضي صراعاً استمر 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، بدأ بهجمات إسرائيلية مفاجئة على المواقع النووية الإيرانية، تبعتها غارات أمريكية على منشآت نووية في نطنز وفوردو وأصفهان. هذا الصراع أدى إلى تعليق إيران للمفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، ووقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتضرر كبير في البنية التحتية النووية الإيرانية.
زيادة مخزون اليورانيوم المخصب
تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن إيران تمتلك حالياً أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهو مستوى قريب جداً من المستوى المطلوب لصناعة الأسلحة النووية (90%).
الموقف الأمريكي: دعم أوروبي بحذر
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أعرب عن دعمه للخطوة الأوروبية، واصفاً آلية السناب باك بأنها “أداة قوية جداً للضغط على إيران”. وفي اتصال هاتفي مع نظرائه الأوروبيين يوم الأربعاء، أكد جميع الأطراف التزامهم بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي أبداً.
لكن الموقف الأمريكي معقد، حيث أن الولايات المتحدة لا يمكنها تفعيل آلية السناب باك بنفسها بعد انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب.
تداعيات اقتصادية وجيوسياسية
التأثير على الاقتصاد الإيراني
إعادة فرض العقوبات ستؤثر بشكل مدمر على الاقتصاد الإيراني من خلال عزل إيران عن النظام المصرفي الدولي، ومنع استيراد التكنولوجيا المتقدمة، وقيود شديدة على صادرات النفط والغاز، وتجميد المليارات من الأصول الإيرانية في الخارج.










