كشفت مصادر مطلعة عن انعقاد اجتماع مهم في مدينة مصراتة يضم عدداً من أعيان وقيادات المدينة، وذلك رفضاً للزج بها في حرب على طرابلس لأجل الدبيبة وحكومته، مع إعلان الدعم لـقوة فض النزاع بقيادة الحصان.
وبحسب المصادر، فإن الاجتماع منعقد حالياً في أحد مقار الجهاز الوطني للقوى المساندة بحضور كل من فتحي باشاغا رئيس الوزراء المكلف من مجلس النواب، وعبد السلام بن غشير، إلى جانب عدد من القيادات الاجتماعية والأمنية والعسكرية الأخرى.
تفاصيل الاجتماع وأهدافه
يأتي هذا الاجتماع في إطار التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في ليبيا، خاصة مع تصاعد التوترات بين القوى المتصارعة حول السيطرة على العاصمة طرابلس. وتشير المصادر إلى أن الاجتماع ما زال مستمراً، ومن المرجح أن يصدر عنه بيان خلال الساعات القادمة لوضع الليبيين والبعثة الأممية أمام ما يجري من تطورات.
الهدف الرئيسي من الاجتماع هو توحيد موقف مصراتة من الأزمة الليبية الراهنة، خاصة في ظل محاولات حكومة عبد الحميد الدبيبة جر المدينة إلى صراع عسكري جديد ضد خصومها السياسيين في العاصمة طرابلس.
موقف مصراتة من الصراع الليبي
تُعتبر مصراتة إحدى أهم المدن في غرب ليبيا، ولعبت دوراً محورياً في الأحداث السياسية والعسكرية منذ ثورة فبراير 2011. وقد تبنت المدينة مواقف متوازنة في الصراعات المختلفة، حيث سعت إلى لعب دور الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
في الآونة الأخيرة، شهدت العلاقة بين قيادات مصراتة وحكومة الدبيبة توتراً متزايداً، خاصة بعد محاولات الأخيرة فرض سيطرتها على المؤسسات الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية دون التشاور مع القوى المحلية.
وكانت “تجمع فبراير يجمعنا” المتمركز في مصراتة قد أصدر بياناً في 23 أغسطس الماضي، يحدد ست نقاط للتعامل مع تداعيات الأزمة السياسية، معرباً عن رفضه القاطع لاستخدام القوة لفرض الإرادة السياسية.
دعم قوة فض النزاع بقيادة الحصان
من أبرز محاور الاجتماع إعلان الدعم لقوة فض النزاع بقيادة الحصان، والتي تُعتبر جزءاً من لجنة الهدنة المشكلة من المجلس الرئاسي. وتهدف هذه القوة إلى منع التصعيد العسكري وضمان احترام اتفاقات وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس.
لجنة الهدنة تم تشكيلها من قِبل المجلس الرئاسي بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (يونسميل) عقب الاشتباكات التي اندلعت في طرابلس في مايو 2025. وتضم اللجنة عدة قيادات عسكرية، منها العقيد أمجد المالطي قائد اللواء 222 احتياطي وعضو لجنة الهدنة.
قوات فض النزاع نجحت في وقف عدة جولات من الاشتباكات في العاصمة، حيث تم نشرها في جميع مناطق النزاع عبر أنحاء مختلفة من طرابلس لضمان التزام الأطراف المتصارعة باتفاقات وقف إطلاق النار.
تداعيات الاجتماع على المشهد السياسي
يأتي هذا الاجتماع في ظل تصاعد التوترات السياسية بين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة الدبيبة في طرابلس، وحكومة الاستقرار الوطني المدعومة من مجلس النواب في الشرق الليبي.
رفض مصراتة للانخراط في صراع عسكري جديد يُعتبر ضربة قوية لخطط الدبيبة، خاصة وأن المدينة تضم تشكيلات عسكرية مؤثرة مثل اللواء 166 واللواء 777 وغيرها من الوحدات التي كانت تدعم حكومة الوحدة الوطنية في السابق.
من جهة أخرى، فإن حضور باشاغا وبن غشير للاجتماع يُشير إلى محاولة تشكيل جبهة موحدة ضد سياسات الدبيبة، خاصة في ظل فشل باشاغا المتكرر في دخول طرابلس وتشكيل حكومته هناك.
دور البعثة الأممية والمجتمع الدولي
بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كانت قد عقدت اجتماعات مع قادة ووجهاء من المنطقة الغربية في يونيو الماضي لبحث سبل تعزيز الهدنة في طرابلس وإرساء الاستقرار الدائم.
وشارك في هذه الاجتماعات وجهاء من تاجوراء والزنتان وسوق الجمعة ومصراتة وورشفانة وأبو سليم والزاوية وجادو وبني وليد وغريان وزليتن والزاوية وطرابلس الكبرى.
نواب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية ستيفاني كوري ترأست الاجتماع الذي ركز على سبل تعزيز الهدنة وإرساء الاستقرار الدائم، بما في ذلك لجنة الهدنة المشكلة حديثاً من المجلس الرئاسي بالتعاون مع يونسميل.
الوضع الأمني والعسكري الراهن
شهدت العاصمة طرابلس اشتباكات متقطعة منذ مايو 2025، بدأت بمقتل عبد الغني الككلي رئيس جهاز دعم الاستقرار، والذي قُتل في منشأة يسيطر عليها اللواء 444 التابع لوزارة الدفاع في حكومة الدبيبة.
وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية أعلنت سيطرتها على مقر جهاز دعم الاستقرار ومحيطه في منطقة أبو سليم بطرابلس، بينما اندلعت اشتباكات لاحقة مع قوات الردع الخاصة (رادع) وهي مجموعة مسلحة قوية في العاصمة.
المجلس الرئاسي تدخل بإصدار أمر وقف إطلاق نار شامل يؤثر على جميع مناطق النزاع، مع مطالبة الوحدات العسكرية بالعودة فوراً إلى مقارها دون شروط.










