بث حساب برنامج الأغذية العالمي فرع سوريا على منصة X مقطع فيديو تحدث فيه نائب المدير القطري لسوريا خالد عثمان، حول الأوضاع المأساوية في السويداء، وكمية المساعدات التي قدمتها المنظمة للمتضررين في هذه المحافظة المحاصرة.
في الفيديو، ظهرت مشاهد صادمة لبلدة المزرعة في ريف السويداء الغربي، التي تتمركز فيها قوات الحكومة المؤقتة، وتكشف المشاهد إحراق جميع المنازل التي بدت في التصوير على الطريق الرئيسي في البلدة، من آثار اجتياح قوات الحكومة المؤقتة منتصف تموز الماضي.
شهادة مؤثرة من الميدان
عثمان قال إن المنظمة دخلت السويداء ووزعت مساعدات لنحو 10 آلاف عائلة، ووصف الوضع في السويداء بالمأساوي، ونقل عن الأهالي الذين التقى بهم وتحدث إليهم، أنهم بالكاد يؤمنون الطعام لأطفالهم، وأن الأسعار تجاوزت قدرة الناس على تحملها.
وأشار إلى أن الطرق التجارية قُطعت منذ أكثر من شهر، و”كميات قليلة فقط تكاد لا تكفي من الوقود والحاجات الأساسية يسمح لها بالمرور”. وأضاف أن الكهرباء والماء مقطوعة أيضاً، وليس لدى المدنيين سبل لتأمين أبسط احتياجاتهم.
وتابع عثمان بكلمات مؤثرة: “أثناء تنقلي بين القرى رأيت بيوتاً وحقولاً محروقة، ومجتمعات ركّعت، لكن حتى في عز ألمهم، يظهر أهالي السويداء شجاعة وعزة نفس”.
تحذير من كارثة إنسانية أوسع
وحذّر خالد عثمان من أن الوضع الراهن من تقديم المساعدات للمتضررين ليس حلاً مستداماً لحياة كريمة، ولا تغني المساعدات الدولية بأي شكل عن عودة خطوط التجارة وفك الحصار، وأضاف: “أهالي السويداء يستحقون الفرصة ويستحقون أن تكون أصواتهم مسموعة”.
تأتي هذه التصريحات في إطار استجابة عاجلة أطلقها برنامج الأغذية العالمي لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في المحافظة، حيث أعلن البرنامج عن توسيع نطاق مساعداته الغذائية الطارئة للوصول إلى جميع سكان السويداء البالغ عددهم حوالي 600 ألف نسمة.
حجم الاستجابة الدولية
سيوزع برنامج الأغذية العالمي خلال الأسابيع المقبلة سلالاً غذائية طارئة، ودقيق قمح مُدعّم بالعناصر الغذائية لإنتاج الخبز، ومنتجات غذائية متخصصة، على ما يقرب من 600 ألف شخص – أي جميع سكان محافظة السويداء، بالإضافة إلى عائلات في المناطق المجاورة.
وقالت ماريان وارد، المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا: “تعرضت العائلات في سوريا لأزمة تلو الأخرى، مما منع الملايين من التعافي الكامل وتحقيق مستقبل آمن غذائياً. الأمن الغذائي هو أساس التماسك الاجتماعي والسلام والاستقرار”.
الوضع الإنساني الكارثي
تشهد محافظة السويداء وضعاً إنسانياً بالغ التعقيد منذ منتصف يوليو 2025، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية من أبناء السويداء ومجموعات مسلحة مدعومة من الحكومة المؤقتة، أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 شخص ونزوح 176 ألف آخرين وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
مدير الأفران في المحافظة حذّر من نفاد مادة القمح خلال أيام، مؤكداً أن الكميات المتوفرة تكفي لعشرة أيام فقط، في وقت لم تسمح فيه السلطات إلا بدخول شاحنة واحدة من أصل 14 شاحنة مساعدات كانت معدّة للوصول إلى المدينة.
تصاعد الأزمة والحصار
الأزمة لم تتوقف عند نقص المواد الغذائية، بل تفاقمت بسبب انقطاع الكهرباء وغياب المحروقات، ما أدى إلى توقف ضخ المياه وتعطيل المشافي والمراكز الخدمية. كما تعرضت 32 قرية للتهجير وإحراق منازلها في غرب وشمال وشمال شرق المحافظة.
وفقاً لتقارير ميدانية موثقة، شهدت المنطقة عمليات إعدام ميدانية ومجازر، حيث تم توثيق قتل مدنيين بينهم أفراد من عائلات بأكملها، إضافة إلى استهداف متعمد للمدنيين بما في ذلك كبار السن والنساء والأطفال.
الموقف الرسمي والنفي الحكومي
في المقابل، نفت وزارة الداخلية السورية بشكل قاطع فرض أي حصار على السويداء، ووصف المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا هذه المزاعم بأنها “محض كذب وتضليل”، مؤكداً أن الحكومة فتحت ممرات إنسانية لتوفير المساعدات.
وأوضح البابا أن مزاعم الحصار هي “دعاية أطلقتها المجموعات الخارجة عن القانون لتسويق فتح معابر غير نظامية مع محيط السويداء بهدف إنعاش تجارة السلاح والكبتاغون”، معتبراً أن عودة المؤسسات السورية لعملها يهدد وجود هذه المجموعات.
التداعيات الاقتصادية والسياسية
يحذر خبراء من أن استمرار الأوضاع في السويداء قد يؤثر على مسار رفع العقوبات عن سوريا، مما قد يؤدي إلى انهيار إضافي في سعر صرف الليرة السورية، وارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية، وركود في حركة الاستثمار.
كما دخلت روسيا على خط الأزمة عبر تحركات عاجلة تهدف إلى احتواء الوضع، حيث بدأت بإجراء وساطات محلية مع وجهاء المنطقة والفصائل المسلحة، وعرضت ترتيبات أمنية جديدة لتفادي انزلاق المحافظة إلى سيناريو أوسع.
الحاجة لحل سياسي عاجل
تطالب المنظمات الدولية المكلفة بإدخال المساعدات بوقف إطلاق النار بشكل نهائي لإحلال هدوء دائم بهدف ضمان وصول آمن لموظفيها إلى داخل المحافظة. كما أكدت الأمم المتحدة أن الوصول إلى المحافظة “ما زال مقيداً بشدة بسبب الحواجز الأمنية وانعدام الأمان”.
يُذكر أن برنامج الأغذية العالمي قدم في عام 2025 المساعدة لأكثر من 5.2 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك 3.5 مليون شخص تم الوصول إليهم شهرياً من خلال خطة استجابة ذات أولوية تُركّز على الأشخاص الذين يواجهون أشدّ حالات انعدام الأمن الغذائي










