يواصل عمال مصانع السكر في أربع محافظات بالصعيد إضرابهم للمطالبة بحقوقهم المالية، في حركة احتجاجية واسعة تضم نحو عشرة آلاف عامل في مصانع دشنا وأرمنت وإدفو وكوم أمبو.
وفي تطور خطير، تلقى العمال المعتصمون في مصنع دشنا تهديدات من أحد أفراد الأمن الوطني بالقبض عليهم في حالة استمرار احتجاجاتهم.
تصاعد الاحتجاجات عبر أربع محافظات
بدأت الاحتجاجات في مصنعي إدفو وكوم أمبو بأسوان منذ أحد عشر يوماً، حيث يطالب العمال بتحسين ظروفهم المعيشية ووضع حد لتدني الأجور.
وانضم إليهما مصنع أرمنت بالأقصر الاثنين الماضي، ثم انضم مصنع دشنا بقنا يوم الثلاثاء، ليتسع نطاق الاحتجاجات عبر أربع محافظات في الصعيد.
تتبع هذه المصانع الأربعة شركة السكر والصناعات التكاملية، إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية. وشملت الاحتجاجات تجمهراً في ساحات المصانع، وإضرابات جزئية لعمال الصيانة، واعتصام عمال الإنتاج.
المطالب الأساسية للعمال
يطالب العمال المضربون بعدة حقوق أساسية تشمل:
الزيادات المالية المطلوبة
زيادة الرواتب التي يبلغ متوسطها حالياً 5000 جنيه شهرياً
رفع قيمة بدل الوجبة لتتناسب مع ارتفاع الأسعار
ضم العلاوات المتأخرة منذ 2017 إلى الراتب الأساسي
الخدمات والحقوق الاجتماعية
تحسين الخدمات الطبية داخل مصانع الشركة
صرف المنح المالية التي أقرها الرئيس السيسي خلال العامين الماضيين ضمن الحزم الاجتماعية
تثبيت عمال “الحافظة” الذين يعملون دون عقود رسمية
الأسباب المباشرة للاحتجاجات
تصاعدت حالة الغضب بين العمال بسبب استقطاع مبالغ مالية تتراوح بين 700 إلى 1000 جنيه من كل عامل نظير الدخول في منظومة التأمين الصحي الشامل التي بدأ تطبيقها في أسوان في يوليو الماضي. اعتبر العمال هذه الاستقطاعات عبئاً مالياً إضافياً في ظل تدني الأجور بصفة عامة.
وأوضح أحد عمال الحافظة بمصنع الخشب الحبيبي أن 65 عاملاً يطالبون بعقود تضمن حقوقهم الاجتماعية والمالية، مضيفاً: “زميل لنا توفي ولم تحصل أسرته على أي حقوق، لا معاش ولا مزايا اجتماعية، نحن نتقاضى 3500 جنيه فقط، رغم أن الحد الأدنى للأجور على مستوى الدولة 7000 جنيه”.
التهديدات الأمنية والضغوط الحكومية
في تطور خطير، تلقى العمال المعتصمون بمصنع دشنا تهديدات من أحد أفراد الأمن الوطني بالقبض على عدد منهم إذا لم ينهوا احتجاجاتهم، وفق ما أكده ثلاثة عمال تحدثوا للمنصة. هذه التهديدات تأتي في سياق محاولات إنهاء الاحتجاجات بالقوة بدلاً من الاستجابة لمطالب العمال المشروعة.
وقد رفض العمال المضربون قرار إدارة شركة السكر والصناعات التكاملية بصرف جزء من المطالب، مؤكدين أن هذه الإجراءات شكلية وغير كافية، وأصروا على استمرار إضرابهم حتى تحقيق مطالبهم كاملة.
التضامن النقابي والسياسي
أعلن الحزب الشيوعي المصري تضامنه الكامل مع عمال مصانع السكر المضربين، ودعا لحملة دعم واسعة. كما تزايد التعاطف مع قضية العمال من قبل النشطاء والحقوقيين الذين يؤكدون مشروعية مطالبهم.
خلفية تاريخية للنضالات العمالية
ليست هذه المرة الأولى التي يحتج فيها عمال مصانع السكر، حيث شهدت عدة مصانع احتجاجات مماثلة في عام 2017 للمطالبة بضم علاوة غلاء المعيشة إلى الراتب الأساسي. شملت تلك الاحتجاجات مصانع سكر إدفو ونجع حمادي والحوامدية، مما يؤكد استمرارية المعاناة وتجاهل الإدارة لمطالب العمال عبر السنوات.
موقف الإدارة والحكومة
على الرغم من الاحتجاجات المستمرة، لم تتخذ إدارة الشركة خطوات جدية لحل الأزمة. وفي المقابل، التقى وزير التموين شريف فاروق مؤخراً برئيس مجلس إدارة شركة السكر والصناعات التكاملية لمتابعة خطط التطوير، دون التطرق إلى أزمة العمال.
مطالب مشروعة تحتاج استجابة عاجلة
تمثل احتجاجات عمال مصانع السكر انعكاساً لأزمة حقيقية يعيشها آلاف العمال في ظل تآكل القوة الشرائية وتدني الأجور. المطالبة بضم العلاوات المتأخرة منذ 2017 وزيادة الأجور لتتماشى مع الحد الأدنى الرسمي للأجور مطالب مشروعة تحتاج لاستجابة عاجلة من الحكومة والإدارة.
إن اللجوء إلى التهديدات الأمنية بدلاً من الحوار البناء يعكس نهجاً خاطئاً في التعامل مع القضايا العمالية، ويزيد من احتمالات تصعيد الأزمة. المطلوب هو استجابة سريعة وجدية لمطالب العمال المشروعة قبل أن تتسع دائرة الاحتجاجات لتشمل قطاعات أخرى.










