نجح المنتخب الجزائري في اقتناص فوز ثمين أمام نظيره البوتسواني بنتيجة 3-1 ضمن الجولة السابعة من تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2026. لقاء جمع بين الحماس، التحديات، والدراما الكروية على أرض ملعب حسين آيت أحمد بتيزي وزو، حيث انتفض “محاربو الصحراء” ليحافظوا على صدارة المجموعة السابعة ويقتربوا أكثر من حلم التأهل إلى المونديال، وسط جماهير جزائرية تجاوزت خمسين ألف متفرج ملأوا المدرجات بالصوت والألوان والأمل.
الشوط الأول… إثارة وسجال
انطلقت المباراة تحت ضغوط حقيقية على المنتخب الجزائري، ليس فقط بسبب رغبة الجماهير في انتصار جديد، بل أيضاً بسبب الغيابات المؤثرة التي ضربت صفوف الفريق نتيجة الإصابات لأسماء بارزة في الوسط والدفاع. بدأت الجزائر بهجوم سريع، قاده حسام عوار وتسديداته المبكرة، لكن دفاع بتسوانا كان متماسكاً. وعلى الرغم من السيطرة النسبية للجزائر خلال أول نصف ساعة، إلا أن الدفاع البوتسواني نجح في إبطال معظم الهجمات.
وجاءت المنعطفات الرئيسية في الدقيقة 33، عندما نجح محمد الأمين عمورة في افتتاح التسجيل بعد عرضية متقنة أرسلها رامي بن سبعيني، لترتفع حماسة المدرجات وتبدأ ملامح انتصار جزائري جديد في التشكل. لكن رد فعل بتسوانا لم يتأخر، ونجح تيبوجو في إدراك التعادل بالدقيقة 43 مستغلاً هجمة مرتدة سريعة وسط ارتباك من الدفاع الجزائري، لينتهي الشوط الأول بتعادل 1-1، وسط حالة من الترقب والقلق لجماهير الجزائر.
الشوط الثاني… تغييرات قلبت الموازين
دخل المدرب فلاديمير بيتكوفيتش المواجهة بتغييرات تكتيكية بالغة الأهمية مع بداية الشوط الثاني، بزج بغداد بونجاح كورقة رابحة في الهجوم. ضغط جزائري عنيف تكلل في الدقيقة 71 حين أحرز بونجاح هدف التقدم بعد تمريرة عرضية من عمورة، أعادت الثقة لمحاربي الصحراء وأشعلت المدرجات.
لم تتوقف الإثارة هنا، إذ كان على الجزائر تأكيد انتصارها وسط محاولات نشطة من بتسوانا. في الوقت المحتسب بدل الضائع، استغل بونجاح ارتباك دفاع المنافس وسجل هدفه الثاني والثالث لمنتخب الجزائر، ليحسم المواجهة بشكل نهائي بنتيجة 3-1 وسط فرحة عارمة.
أداء متوازن وتألق فردي
ظهر عمورة بصورة نجم اللقاء بلا منازع بعد مساهمته في هدفين وصناعته فرصاً خطيرة، في حين أكد بغداد بونجاح جدارته بكونه “سلاح بيتكوفيتش الفتاك” الذي يظهر في اللحظات الحاسمة. كما لم يغب رياض محرز عن مشهد الحسم بتحركاته وتأثيره القيادي وسط الميدان.
أما منتخب بتسوانا، فقد حاول جاهداً استعادة المبادرة، خاصة بعد هدف التعادل، واعتمد على الهجمات المرتدة وسرعة تيبوجو وكوبيلانج، لكن خبرة الدفاع الجزائري وتألق الحارس منعوا تكرار المفاجآت طوال شوط المباراة الثاني.
صدارة وتأهل يلوح في الأفق
بفضل هذا الفوز، عزز منتخب الجزائر موقعه في صدارة المجموعة السابعة برصيد 18 نقطة محققاً ستة انتصارات وخسارة واحدة منافساً أقوى فرق المجموعة. وأصبح المنتخب الجزائري على بعد خطوات قليلة من تحقيق حلم التأهل للمونديال بعد غياب عن نسخة 2022، وسط طموحات كبيرة لجماهيره بأن يعيد كتابة التاريخ الكروي من جديد.
وفي سياق ترتيب الفرق، بقيت بوتسوانا في المركز الثالث برصيد 9 نقاط، فيما يتنافس منتخبا موزمبيق وأوغندا على المركز الثاني بفارق الأهداف خلف الجزائر.
تصريحات ونظرة مستقبلية
عقب اللقاء، أكد بيتكوفيتش أن الفريق أظهر روحاً قتالية وصموداً أمام الضغوط، مشيداً بذكاء لاعبيه في حسم المواجهة لصالح الجزائر. من جانبه، عبر بونجاح عن سعادته بهدفيه، واعتبر أن دعم الجماهير كان حاسماً لتخطي صعوبات المباراة.
المراقبون أجمعوا على أن منتخب الجزائر بإمكانه مواصلة التألق، خاصة مع عودة بعض اللاعبين المصابين واستمرار الدعم الجماهيري الكبير. وتنتظره مواجهات فاصلة في الجولات الأخيرة من التصفيات لتأكيد الزعامة الإفريقية والعبور الرسمي إلى المونديال.
بهذا المشهد، يثبت المنتخب الجزائري مرة أخرى أن العزيمة والإصرار هما سر النجاح، وأن الطموح أكبر من كل التحديات. الجماهير تنتظر المزيد، ومحاربو الصحراء لا يعرفون سوى لغة الانتصارات!










