أعلنت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان يوم الجمعة 5 سبتمبر 2025 عن نتائج صادمة تتهم قوات الدعم السريع الشبه عسكرية بارتكاب “جرائم متعددة ضد الإنسانية” خلال حصارها المدمر لمدينة الفاشر في إقليم دارفور غربي السودان.
تفاصيل الاتهامات الأممية
وفقاً للتقرير الأممي، ارتكبت قوات الدعم السريع “جرائم ضد الإنسانية، تشمل بشكل خاص القتل والتعذيب والنقل القسري والاضطهاد على أسس عرقية، وأعمال لا إنسانية أخرى” خلال حصار الفاشر والمناطق المحيطة بها. كما تضمنت الاتهامات “الاستعباد والاغتصاب والعبودية الجنسية والعنف الجنسي”.
أوضحت البعثة أن قوات الدعم السريع وحلفاءها “استخدموا التجويع كأسلوب حرب وحرموا المدنيين من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الطعام والدواء وإمدادات الإغاثة – مما قد يرقى إلى جريمة الإبادة ضد الإنسانية”.
حصار الفاشر وأثره الكارثي
تفرض قوات الدعم السريع حصاراً مدمراً على مدينة الفاشر منذ مايو 2024، وهي آخر معاقل الجيش السوداني في ولاية شمال دارفور. خلال هذا الحصار، “تعرض المدنيون في محيط الفاشر للاعتداء والاحتجاز والقتل كما تم مهاجمة وإحراق قرى ونهب ممتلكات من قبل قوات الدعم السريع”.
في هجوم واحد لقوات الدعم السريع من 10 إلى 13 أبريل 2025، “قُتل أكثر من 100 مدني”، بينما “أسفر قصف آخر لقوات الدعم السريع على الكومة عن مقتل ما لا يقل عن 15 مدنياً”.
استهداف المرافق الطبية والإنسانية
وثقت البعثة الأممية الهجمات المتكررة على المستشفيات والمرافق الطبية. فقد “قصفت قوات الدعم السريع المستشفى السعودي في الفاشر عشرات المرات”.
كما “قامت طائرة مُسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع بقصف مستشفى الأبيض الدولي في شمال كردفان فقتلت ست مدنيين وأغلقت إحدى آخر العيادات الصحية العاملة في المنطقة”.
في أحدث الهجمات، أعلنت شبكة أطباء السودان مقتل 18 مدنياً وإصابة أكثر من 100 آخرين “جراء القصف المدفعي المتعمد للدعم السريع على أحياء الفاشر”.
الأزمة الإنسانية المتفاقمة
تسبب النزاع في واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم، حيث “تجاوز عدد المُهجّرين 10.8 مليون شخص حتى سبتمبر، منهم 8.1 مليون هُجّروا بعد 2023”. كما “بلغ عدد الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد 25 مليون شخص”.
تأكد تفشي المجاعة في “مخيم زمزم” في شمال دارفور، الذي يستضيف حوالي 400 ألف مُهجّر. وقد استُخدمت “الإغاثة الإنسانية كسلاح” من قبل الطرفين، حيث “فرضت القوات المسلحة السودانية قيوداً بيروقراطية؛ فيما قامت قوات الدعم السريع بنهب القوافل ومنعت إيصال المساعدات بالكامل”.
العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي
وثقت البعثة “ارتفاعاً حاداً في العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي حيث يتعرض النساء والفتيات إلى الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والخطف والعبودية الجنسية والزواج القسري في الأغلب في مخيمات النازحين القابعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع”.
دعوات دولية للمساءلة
حث رئيس بعثة تقصي الحقائق محمد شاندي عثمان “جميع الدول على الالتزام بواجباتها القانونية، بدءاً بالامتثال التام لحظر الأسلحة الذي فرضه قرار مجلس الأمن 1556”. وأكد أن “المساءلة ليست ترفاً؛ بل هي شرط أساسي لتحقيق سلام مستدام”.
النزاع السوداني
يدخل النزاع في السودان عامه الثالث وسط تصعيد مستمر من العنف. وقد أسفر الصراع عن “مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليوناً، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً”.
تمثل هذه النتائج الأممية خطوة مهمة نحو توثيق الجرائم وضمان المساءلة، لكنها تأتي وسط استمرار المعاناة الإنسانية المروعة للشعب السوداني الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم المعاصر.










