تشهد سماء العالم مساء الأحد 7 سبتمبر 2025 وحتى فجر الإثنين 8 سبتمبر، حدثاً فلكياً نادراً يتمثل في خسوف كلي للقمر. يتضمن هذا التقرير شرحاً وافياً لمراحل الخسوف، المناطق التي سيشاهد فيها، العلم والأسرار الكامنة وراء تحول لون القمر للحمرة، التأثيرات المحتملة، ومواقف العلماء والجمهور تجاه الحدث.
تفاصيل الخسوف
سيبدأ خسوف القمر الكلي مع دخول القمر في منطقة شبه الظل مساء الأحد، ويمكن رصده بوضوح في مصر والدول العربية وبين معظم مناطق آسيا وأستراليا، فيما يمكن مشاهدة أجزاء منه من أفريقيا وأوروبا.
يبدأ دخول القمر إلى منطقة شبه الظل في الساعة 6:28 مساءً (بتوقيت القاهرة)، يليها بدء الخسوف الجزئي الساعة 7:27 مساءً، وتبدأ مرحلة الخسوف الكلي الساعة 8:30 مساءً، ثم ذروة الحدث الساعة 10:12 مساءً.
يستمر الخسوف الكلي للقمر حوالي 82 دقيقة، ما يجعله واحداً من أطول خسوفات القمر الكلية في السنوات الأخيرة، ويستغرق الحدث برمته قرابة خمس ساعات ونصف تقريباً من بدايته حتى نهايته.
ذروة الخسوف ستأتي بالتزامن مع اكتمال بدر شهر ربيع الأول 1447 هجرياً، ما يضفي طابعاً دينياً وفلكياً خاصاً على الظاهرة هذا العام.
مشاهد بصرية: القمر الدموي
أثناء الخسوف، لن يختفي القمر كلياً عن الأنظار، بل يتحول لونه تدريجياً إلى درجات من الأصفر والبرتقالي حتى الأحمر الداكن، مع إمكانية مشاهدة اللون البرتقالي المحمر بالعين المجردة دون الحاجة لأية معدات خاصة.
ويعود السبب في ظهور لون القمر بهذا الشكل إلى مرور أشعة الشمس عبر الغلاف الجوي للأرض، ثم انعكاسها نحو القمر، حيث تؤدي ظاهرة “تشتت رايلي” إلى امتصاص الأطوال الموجية القصيرة وانعكاس الأطوال الموجية الأطول كاللون الأحمر نحو القمر، ما جعله يعرف شعبياً باسم “القمر الدموي”.
تأثيرات وظواهر علمية
يؤكد الفلكيون أنه لا يوجد أي خطر على العين عند متابعة خسوف القمر، بعكس الكسوف الشمسي الذي يتطلب نظارات وقائية خاصة.
كما يعد لون القمر أثناء الخسوف مؤشراً على درجة نقاء الغلاف الجوي الأرضي؛ فكلما زادت نسبة التلوث، زاد قتامة لون القمر. سجل التاريخ العلمي مثالاً حين أدى ثوران بركان في الفلبين عام 1991 إلى ظهور خسوف داكن شبه أسود في ديسمبر 1992 بسبب رواسب الغبار البركاني.
المناطق الأكثر مشاهدة
يُتوقع أن تكون الرؤية مثالية في مصر، السعودية، الخليج، دول المغرب العربي، ومعظم آسيا وأستراليا، فيما سيفوت سكان الأمريكتين الحدث بسبب موقع القمر بالنسبة للبلدان في هذه القارة. وينصح الفلكيون بمراقبة الحدث من الأماكن المفتوحة أو الشرفات؛ فالمشهد مميز ويمكن استغلاله في التصوير الفوتوغرافي بالقرب من المعالم الأثرية أو من مناطق مرتفعة ذات أفق مكشوف.
نبض الشارع وردود الفعل
أبدى الكثير من عشاق الفلك والظواهر الطبيعية حماسهم للحدث الذي يربط بين العلم والأساطير الشعبية. بينما يستعد معهد الفلك والنوادي الفلكية بعقد بث مباشر للظاهرة عبر المنصات الرقمية لتشجيع المزيد من الناس على مشاهدتها. أما الباحثون، فركزوا على أهمية الخسوف في التأكد من حساب بداية الشهور القمرية، إضافة إلى استخدام الحدث في الدراسات المناخية وتحليل تفاعل الضوء مع الغلاف الجوي.
علم وظاهرة دينية
يعتبر خسوف القمر من الآيات الكونية التي تذكر بقدرة الله في خلق السماوات، ويسلط الضوء على العلاقة الفريدة بين الشمس والأرض والقمر، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم حيث يوظف علماء الدين الحدث في التوعية والتذكير بظواهر الطبيعة والمعجزات الربانية.
هكذا فإن خسوف القمر الكلي يوم الأحد 7 سبتمبر 2025 ليس مجرد ظاهرة فلكية عادية، بل حدث استثنائي يجمع بين الجمال العلمي والديني والثقافي، ويتيح للإنسان فرصة نادرة لمشاهدة إبداع الطبيعة والتأمل في أسرار الكون.










