واصلت إسرائيل اختراق دولة جنوب السودان تحت غطاء المساعدات الإنسانية، في خطوة يعتبرها مراقبون جزءا من تحرك استراتيجي أوسع يستهدف التأثير في موازين القوى الإقليمية، ويمثل تهديدا محتملا للأمن القومي المصري على المدى البعيد.
وتأتي أحدث حلقات هذا التحرك من خلال حملة طبية أطلقتها مؤسسة “أنقذ قلب طفل” الإسرائيلية (Save a Child’s Heart)، بالتعاون مع منظمة IsraAID، لإجراء فحوصات لأمراض القلب لأكثر من 250 طفلا في مستشفى الصباح للأطفال في العاصمة جوبا.
ووفقا للمنظمين، ستنقل الحالات الحرجة إلى إسرائيل لتلقي العلاج الجراحي هناك.
فريق طبي إسرائيلي في قلب جوبا
تضم البعثة فريقا طبيا يقوده الدكتور أكيفا تامير، اختصاصي قلب الأطفال، إلى جانب طاقم من الممرضين والإداريين الإسرائيليين، بالتنسيق مع أطباء محليين.
وأكد تامير في تصريحات صحفية أن هدف البعثة إنساني بحت، قائلا إنهم يسعون لتوفير الرعاية الصحية المتخصصة للأطفال الذين يعانون من أمراض قلبية خطيرة.
غير أن مصادر سياسية وإعلامية تعتبر أن هذه الجهود الطبية جزء من اختراق ناعم إسرائيلي مستمر في إفريقيا، وخاصة في منطقة القرن الإفريقي ومنابع النيل، وسط تحركات تفسر بأنها تموضع استراتيجي يعزز النفوذ الإسرائيلي قرب الحدود الجنوبية لمصر.
تحذيرات أمنية ومخاوف مصرية
يرى خبراء في الأمن الإقليمي أن النشاط الإسرائيلي في جنوب السودان، تحت لافتة المساعدات الإنسانية، لا يمكن فصله عن تصاعد التوترات في منطقة النيل، خاصة في ظل ما تعتبره القاهرة تحركات “غير بريئة” من تل أبيب في محيطها الاستراتيجي.
ويشير هؤلاء إلى أن إسرائيل لطالما استثمرت في علاقاتها العسكرية والاستخباراتية مع جنوب السودان منذ انفصاله عام 2011، وصولا إلى تقديم الدعم التقني والأمني في مجالات تشمل الزراعة، المياه، والاتصالات، وصولا إلى الطب.
مؤسسة “أنقذ قلب طفل”: واجهة إنسانية… أم أداة دبلوماسية؟
تأسست مؤسسة “أنقذ قلب طفل” عام 1995، وتتبنى مشروعات طبية دولية تركز على جراحة القلب للأطفال في الدول الفقيرة.
وقد نفذت مشاريع مشابهة في عدد من الدول الإفريقية والآسيوية، وتنقل بانتظام أطفالا من غزة، الضفة الغربية، العراق، سوريا، ودول إفريقية إلى إسرائيل للعلاج.
لكن تقارير متقاطعة، من داخل إسرائيل وخارجها، سبق أن أشارت إلى استخدام هذه البعثات لأغراض “الدبلوماسية الإنسانية”، ضمن إستراتيجية القوة الناعمة لتعزيز صورة إسرائيل دوليا وفتح قنوات تأثير سياسي في الدول المستهدفة.










