يستمر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لعب دور محوري وحاسم في القضايا الإقليمية والدولية التي تهم أمن واستقرار المنطقة العربية، وذلك يتجلى بوضوح في أحدث المواقف والتصريحات التي صدرت عنه خلال بداية سبتمبر 2025.
أكد محمد بن سلمان، في كلمته أثناء افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى السعودي، موقف المملكة الثابت من دعم دولة قطر الشقيقة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة التي طالت الأراضي القطرية مؤخرًا، معبرًا عن رفض وإدانة المملكة التامة لهذه الاعتداءات. وشدد ولي العهد على أن السعودية تقف مع قطر في كل الإجراءات التي تتخذها بلا حدود، ومستعدة لتسخير جميع إمكاناتها لدعم الدوحة في هذه المرحلة الدقيقة، مما يؤكد عمق الروابط الأخوية والتاريخية بين السعودية وقطر في مواجهة التحديات.
كما جدد الأمير محمد بن سلمان التأكيد على الحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، موضحًا أن أرض غزة فلسطينية وحق أهلها ثابت لا ينبذه عدوان ولا تلغيه تهديدات. وأوضح أن موقف المملكة مستمر في حماية الحق الفلسطيني والعمل الجاد لمنع انتهاكاته، معربًا عن دعم المملكة لمبادرة السلام العربية التي أطلقت عام 2002، والتي تعود اليوم لتكتسب زخمًا دوليًا ودعمًا متزايدًا من أجل تحقيق حل الدولتين ويؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية العادلة التي طال انتظارها.
في الملف السوري، أشار محمد بن سلمان إلى أن السعودية لعبت دورًا رئيسيًا عبر مبادرات متعددة لدعم سوريا، ومنها جهود رفع العقوبات الدولية وتحقيق وحدة الأراضي السورية، إضافة إلى دعم إعادة بناء الاقتصاد السوري المتضرر بفعل سنوات الحرب. وأعرب عن أمله في أن تتحقق الاستقرار والتنمية في دول مجاورة مثل لبنان واليمن والسودان، وهو ما ينسجم مع رؤية السعودية في تحقيق الأمن والوحدة العربية.
ومن الناحية الاقتصادية، كشف محمد بن سلمان أن الاقتصاد السعودي يحقق قفزات كبيرة في تنويع مصادر دخله، مبينًا أن نسبة الأنشطة غير النفطية وصلت للمرة الأولى إلى 56% من الناتج المحلي الإجمالي الذي تجاوز 4.5 تريليون ريال سعودي (حوالي 1.2 تريليون دولار)، وهو رقم قياسي يؤكد أن المملكة تسير بثبات نحو اقتصاد مستدام بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على النفط. كما أشار إلى أن اختيار 660 شركة عالمية للمملكة مركزًا إقليميًا لها هو مؤشر قوي على جودة البنية التحتية والتقنيات المتقدمة في المملكة، مما يعزز مكانتها الاقتصادية العالمية.
على الصعيد العسكري، أكد محمد بن سلمان على تعزيز القدرة الدفاعية السعودية من خلال رفع معدلات توطين الصناعات العسكرية إلى أكثر من 19%، مقابل 2% سابقًا، عبر تعاون استراتيجي مع حلفاء عالميين. ويأتي هذا في إطار خطط تعزيز الأمن الوطني والاستعداد لمواجهة أي تهديدات محتملة في المنطقة، مع تأكيد الأمير أن المرحلة السابقة أثبتت مرونة الجهاز الحكومي والاقتصادي في التعامل مع التحديات والتقلبات العالمية دون المساس بالتنمية الاقتصادية.
أما على المستوى التشريعي، فقد أشاد ولي العهد بدور مجلس الشورى السعودي في تطوير التشريعات الوطنية، والارتقاء بالمقاييس القانونية بما يتناسب مع التطلعات الوطنية والتحديث المستمر، مشيرًا إلى أن هدف جميع البرامج والمبادرات هو رفعة المواطن السعودي وازدهار المملكة في كافة المجالات، وأنه لن يتردد في إلغاء أو تعديل أي برنامج لا يحقق المصلحة العامة.
وبينما يواصل الأمير محمد بن سلمان مواجهة جبهات عدة داخليًا وخارجيًا، تظل مواقفه وتصريحاته محط اهتمام ومتابعة من قبل دول المنطقة والعالم، لما تحمله من رسائل دعم لإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الشرق الأوسط، من خلال رؤية إقليمية شاملة وتحالفات استراتيجية مدروسة.










