تشهد منظومة البطاقة التموينية في مصر خلال العام 2025 سلسلة من التطورات والإجراءات التي تعكس توجهات الحكومة نحو تحديث وترشيد الدعم المقدّم للفئات المستحقة، لكن هذه التغييرات لا تخلو من جدل وانتقادات من قبل قطاعات واسعة من المواطنين والخبراء.
في البداية، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية عن توقيت صرف المقررات التموينية لشهر يونيو 2025، مع استمرار صرف المنحة الإضافية لأصحاب البطاقات التموينية، والتي تمثل دعماً نقدياً أو عينيًا لبعض السلع الأساسية كالسكر والزيت والأرز والمكرونة ومنتجات الألبان، ضمن قائمة تضم 33 سلعة. تأتي هذه المنحة في إطار جهود الدولة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، لكن الكثير من الأسر تعاني من نقص السلع أو ضعف الكميات المصروفة، ما أثار استياءً واسعًا. هذا الانتقاد يكشف وجود فجوة بين سياسة الدعم الرسمية وتجربة المستفيدين على الأرض الذين يشتكون من تراجع جودة السلع وتذبذب أسعارها في الأسواق الحرة.
من جهة أخرى، أطلقت وزارة التموين الكارت الموحد كبديل للبطاقة التموينية التقليدية، وهو خطوة تنموية تهدف لميكنة المنظومة وربط الدعم بخدمات صحية ومالية أخرى. إلا أن هذا التحول تقابله مخاوف من بعض الفئات التي تخشى استبعادها من الدعم نتيجة لتحديث البيانات أو تعرضها لأعطال تقنية تمنعها من الوصول إلى الدعم الذي اعتادوا عليه. كما أن شروط إضافة مواليد جدد إلى بطاقة التموين قد اقتصرت على فئات معينة فقط، مما أدى إلى انتقادات حول عدالة توزيع الدعم، خصوصًا أن الأسر كبيرة العدد تشكو من عدم إدراج أبنائها حديثي الولادة بسبب ضوابط صارمة وضيق في فئات الاستحقاق. هذا الموضوع شكل مصدر قلق وإحباط عند شريحة كبيرة من المواطنين الذين يرون أن الدعم لا يعكس الواقع الاجتماعي بشكل كافٍ.
تشير التقارير إلى أن وزارة التموين بالمحافظات تقوم بجهود رقابية مشددة على منافذ صرف السلع التموينية، من أجل منع أي تلاعب أو زيادة أسعار فوق المقررات، مع تطبيق عقوبات صارمة على المخالفين. إلا أن الواقع العملي كشف عن وجود تجاوزات تمنع وصول الدعم كاملاً للمواطنين، وتضعف من أثر السياسات الرسمية، وهو ما يؤكد الحاجة الماسة لإصلاحات عميقة على مستوى النظام.
كذلك، يتصاعد الجدل حول اتجاه الحكومة نحو تقليص الدعم العيني بشكل تدريجي وتحويله إلى دعم نقدي مباشر، وهو ما يسلط الضوء على مخاطر هذه الخطوة من حيث تأثيرها على الأسر الفقيرة التي تعتمد بشكل كبير على السلع المدعمة. يخشى العديدون أن تسهم هذه السياسة في ارتفاع الأعباء المعيشية، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم والأسعار في الأسواق، مما يثير تساؤلات حول جدوى استمرار الدعم ومدى فعاليته في تحسين ظروف الفئات المستحقة.
إجمالاً، تتقاطع وجهات النظر بين مؤيد يرى أن تحديث المنظومة خطوة ضرورية لتحقيق عدالة واستدامة الدعم، وبين معارض يرى أن هذه التعديلات تزيد من معاناة المواطنين الفقراء وتبعد الدعم عن مستحقيه، مما يحتم إعادة النظر في الخطة التنفيذية وضمان مشاركة حقيقية لممثلي المستفيدين في رسم السياسة التموينية.










