عاد العميد السوري المنشق مناف طلاس، ابن وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، إلى دائرة الأضواء في عام 2025، بعد سنوات من الغياب عن المشهد السياسي والعسكري في سوريا. آخر وأبرز ظهور له كان من بوابة محاضرات سيقدمها في جامعة باريس بفرنسا، حيث بدأ يطرح رؤاه حول مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. هذا الظهور أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية السورية والعربية، حيث يتساءل المتابعون عن دلالاته وأسباب توقيته، خصوصاً في ظل الحديث عن تحضيرات اتفاق دولي قد يجري قبل نهاية العام يطوي صفحة النظام القديم.
منافس طلاس ينتمي لعائلة سياسية وعسكرية بارزة، وقد كان من المقربين جداً للعائلة الحاكمة في سوريا قبل أن ينشق ويعادي النظام بسبب أزمة 2011 التي اندلعت في البلاد. في السنوات الماضية، وردت معلومات عن طموحه للعودة إلى المشهد السياسي وربما المناصب العسكرية، مدعوماً من قوى خارجية، إلا أن هذه الأنباء لم تتحقق بعد، ويبدو أن تأثيره داخل سوريا محدود حالياً وفق تقييمات والتحليلات التي تشير إلى افتقاد شعبيته وقوته العسكرية على الأرض.
يتحدث مناف طلاس الآن عن مرحلة انتقالية لسوريا تشمل جمع السلاح وتحقيق السلم الأهلي، وبناء دور سياسي يرتكز على القانون الدولي ومؤسسات الدولة المدنية، بعيداً عن الحروب والصراعات العسكرية. كما أشار إلى أهمية وجود “مجلس عسكري” ينظم العمل العسكري ضمن إطار مدني وتنظيمي يحفظ الدولة من الانهيار، في إطار جهود لإعادة ترتيب البيت السوري بعد سنوات طويلة من الحرب والتخريب.
ورغم هذه الرؤية، يواجه مناف طلاس انتقادات ومخاوف واسعة في صفوف المعارضة السورية وأطراف عدة تشكك في صدقيته وحقيقته السياسية، معتبرين أنه ما زال يمثل امتداداً للعوالم التقليدية القديمة، وأن انشقاقه قد يكون مجرد مناورة سياسية تخدم مصالح خارجية ولم تحقق تغييرات جوهرية على الأرض. بعض المصادر المعارضة تتخوف من محاولة استنساخ نظام جديد يحمل نفس أساليب القمع والسيطرة القديمة لكن بأسماء وشخصيات مختلفة.
جدل آخر يكتنف خطواته الأخيرة، حيث يحاول مناف طلاس بناء شبكة علاقات واتصالات مع الفاعلين الدوليين والمعارضين السوريين، في محاولة لإعادة رسم دوره في المشهد السوري المستقبلي. مع ذلك، يبقى السؤال حول مدى قابلية الشارع السوري لقبول شخصيته وقيادته، خاصة في ظل الترهل السياسي والاقتصادي الذي تشهده البلاد وانتشار الفصائل المسلحة المناوئة لكل محاولات إعادة بناء السلطة بشكل مركزي.
على الصعيد الشخصي، ما زال مناف طلاس يختار حياة منفصلة بعيداً عن الأضواء الإعلامية في باريس، حيث يتركز نشاطه في الأوساط الأكاديمية والسياسية الدولية، مستغلاً مكانته العائلية وتاريخه العسكري لطرح نقاشات وورش عمل تتناول ملفات سوريا المستقبلية، معتمداً على دعم بعض الدوائر الغربية بالمقابل.










