فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، يوم الجمعة، عقوبات جديدة على وزير المالية السوداني ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم محمد فضيل، إضافة إلى جماعة مسلحة تعرف باسم فيلق البراء بن مالك حلفاء الجيش السوداني، بسبب ما وصفته واشنطن بـ”تورطهم في الحرب الأهلية السودانية الوحشية” و”علاقاتهم المتنامية مع إيران”.
أسباب العقوبات: دعم إيران وزعزعة الاستقرار
قالت وزارة الخزانة في بيان رسمي إن هذه العقوبات تأتي في إطار جهود أمريكية للحد من نفوذ الا٨خوان المسلمين المتطرف داخل السودان، وكبح الدعم الإيراني للفصائل المسلحة، والذي “ساهم بشكل مباشر في تأجيج الصراع الإقليمي ومعاناة المدنيين”.
وأضاف البيان أن “عناصر الإخوان المسلمين كانت ولا تزال قوة مدمرة في السودان”، مشيرا إلى تحالفاتها السابقة مع نظام الرئيس المعزول عمر البشير، ودورها في عرقلة الانتقال الديمقراطي منذ الإطاحة به في 2019.
جبريل إبراهيم: من الثورة إلى قائمة العقوبات
وصف جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، بأنه شخصية محورية في الصراع الحالي، حيث شاركت حركته بآلاف المقاتلين في الحرب ضد قوات الدعم السريع، ما أدى إلى تدمير مدن وتهجير ومقتل آلاف المدنيين، وفق البيان الأمريكي.
واتهم البيان جبريل أيضا بالتعاون مع الحكومة الإيرانية لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، بما في ذلك زيارة أجراها لطهران في نوفمبر 2024. كما أشار إلى خلفية الحركة وصلتها التاريخية بـ”المنظر الإسلامي” الراحل حسن الترابي.
فيلق البراء بن مالك: ذراع عسكري إسلامي مدعوم من إيران
إلى جانب جبريل، استهدفت العقوبات “فيلق البراء بن مالك”، وهي ميليشيا إسلامية تعود جذورها إلى قوات الدفاع الشعبي التي دعمت نظام البشير. ووفق وزارة الخزانة، فإن الجماعة نشرت أكثر من 20,000 مقاتل ضد قوات الدعم السريع، باستخدام أسلحة وتدريب مقدمان من الحرس الثوري الإيراني.
واتهم البيان الفيلق بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت الاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدامات الميدانية، لا سيما بحق من يشتبه بتأييدهم للدعم السريع.
الأثر القانوني للعقوبات
أوضحت وزارة الخزانة أن العقوبات تعني تجميد جميع الممتلكات والمصالح المرتبطة بالأشخاص والكيانات المذكورة، داخل الولايات المتحدة أو التي تقع تحت سيطرة أشخاص أمريكيين. كما يمنع على الأفراد والمؤسسات الأمريكية التعامل معهم دون ترخيص خاص.
وأكد البيان أن العقوبات تستند إلى الأمر التنفيذي رقم 14098، الذي يعنى بمعاقبة من يهددون السلام والأمن في السودان أو يعطلون مسار التحول الديمقراطي.
خلفية الصراع السوداني
يأتي هذا الإجراء الأمريكي بعد نحو 17 شهرا من اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وهو صراع أدى إلى مقتل أكثر من 150 ألف شخص ونزوح أكثر من 14 مليونا، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
وتقول واشنطن إن “الإسلاميين السودانيين”، وبينهم قادة سابقون في النظام البائد، لا يزالون يلعبون دورا أساسيا في تغذية هذا الصراع، كما يحاولون التحالف مع إيران لإعادة تشكيل موازين القوى في البلاد.
تصريحات أمريكية حادة: لا صمت على دعم الإرهاب
قال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي: “لقد شكلت الجماعات الإسلامية السودانية تحالفات خطيرة مع النظام الإيراني… لن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لهم بتهديد الأمن الإقليمي والعالمي”.
وأضاف:”تستخدم وزارة الخزانة أدواتها العقابية القوية لتعطيل هذا النشاط، وحماية الأمن القومي الأمريكي”.
إمكانية الطعن وشطب الأسماء
أشار البيان إلى أن الهدف النهائي من العقوبات هو تغيير السلوك وليس العقاب، مشيرا إلى إمكانية تقديم طلبات لشطب الأسماء من قائمة الأشخاص المدرجين بشكل خاص (SDN)، وفق الإجراءات القانونية.
العقوبات الأمريكية الأخيرة تعكس تحولا أكثر صرامة في سياسة واشنطن تجاه القوى الإسلامية في السودان، خاصة تلك التي يعتقد أنها تعمل بتنسيق مع إيران. وقد تكون لها تداعيات مباشرة على مستقبل الصراع السوداني، وعلى علاقات الخرطوم الإقليمية والدولية، خصوصا في ظل الانقسام الحاد داخل البلاد وغياب أفق واضح للحل السياسي.










