رفضت اللجنة القانونية العليا في السويداء، يوم الأربعاء، بشكل قاطع “خارطة الطريق” التي أعلنت عنها الحكومة السورية، والتي زعمت أنها تهدف إلى حل الأزمة المتصاعدة في المحافظة.
وجاء الرفض في بيان رسمي حاد اللهجة اعتبر الخطة الحكومية محاولة “للتنصل من المسؤولية عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها السلطة بحق أبناء السويداء”.
رد على بيان الخارجية السورية
وأوضحت اللجنة، التي تمثل السلطات المحلية في السويداء، أن بيانها يأتي ردا على بيان وزارة الخارجية السورية، الذي تحدث عن آليات لحل الأزمة، منها المحاسبة، والمصالحة، وتشكيل مجالس محلية.
لكن اللجنة رأت في هذه المقترحات تناقضا واضحا، إذ دعت الحكومة إلى التعاون مع لجنة تحقيق دولية، ثم ربطت المحاسبة بالقانون السوري، ما وصفته اللجنة بأنه “تفريغ للتحقيق الدولي من مضمونه”، لأن “العدالة لا تتحقق حين يكون المتهم هو نفسه القاضي”.
اتهام مباشر للحكومة بارتكاب الانتهاكات
وحمل البيان الحكومة السورية وأجهزتها الأمنية والعسكرية المسؤولية المباشرة عن الجرائم التي طالت المدنيين في السويداء، من قتل واعتقال وخطف، مؤكدا أن “محاولة تصوير النظام كطرف محايد هي تزوير للحقائق”، وأن هذه المحاولات لا تمهد لمصالحة، بل “تكرس سياسة الإفلات من العقاب”.
رفض القضاء المحلي: “واجهة شكلية لتبييض الجرائم”
انتقدت اللجنة بشدة القضاء السوري، واعتبرته “مسيسا” و”تابعا للسلطة التنفيذية”، وقالت إنه لا يملك أدنى مقومات العدالة أو الاستقلالية، وبالتالي فإن أي حديث عن محاسبة من خلال هذا القضاء لا يعدو كونه “مسرحية مكشوفة لتبييض الجرائم”.
اتهامات بمحاولة تفتيت الصف الداخلي
ورأت اللجنة أن الحديث عن “مجالس محلية” و”قوات شرطية مشتركة” ما هو إلا غطاء لمحاولات فرض وصاية جديدة على المحافظة، ومحاولة لبث الفتنة والانقسام بين أبناء السويداء عبر إعادة إنتاج شخصيات فقدت الشرعية المجتمعية.
تأكيد على الحق في تقرير المصير
في بند لافت، أكد البيان أن ما مرت به السويداء من جرائم، وتهميش، وإقصاء يبرر حق أبنائها في تقرير مصيرهم، سواء من خلال الإدارة الذاتية أو حتى الانفصال كخيار أخير لضمان الأمن والكرامة.
وقالت اللجنة: “الحق في تقرير المصير مكفول قانونيا وأخلاقيا، ويجب أن يحترم في مواجهة نظام فقد شرعيته”.
دعوة للمجتمع الدولي
ودعت اللجنة المجتمع الدولي إلى:
رفض أي ترتيبات تفرض قسرا على السويداء.
تشكيل آلية تحقيق دولية مستقلة بعيدا عن النظام السوري.
دعم حق أبناء السويداء في تقرير مصيرهم وفق المواثيق الدولية.
محاسبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين وضمان عدم الإفلات من العقاب.
ما حدث ليس “أحداثا مؤسفة” بل “جرائم ضد الإنسانية”
واختتم البيان برفض مطلق لبيان وزارة الخارجية السورية، معتبرا أن أحداث تموز/يوليو 2025 كانت “جرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان”، لا “أحداثا مؤسفة” كما ورد في البيان الحكومي. وأكدت اللجنة أن المحاسبة الحقيقية يجب أن تكون دولية، شفافة، ومستقلة، تحفظ كرامة أبناء السويداء وتضمن مستقبلهم.
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، والتي شهدت خلال السنوات الماضية احتجاجات متكررة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، ومطالب متزايدة بالاستقلال الإداري والسياسي، في ظل غياب الثقة بالسلطات المركزية في دمشق.










