في خطوة تصاعدية تعكس التوتر المتزايد في المشهد السوري الداخلي، تشهد محافظة السويداء حملة واسعة لجمع توقيعات بين السكان تطالب بحق تقرير المصير، مع دعوات معلنة للانفصال عن الدولة السورية. هذه الحملة تأتي كرد فعل على رفض خريطة طريق سورية-أردنية مدعومة أميركياً تسعى لحل الأزمة المستمرة في السويداء، والتي تضم مجموعة من الاقتراحات الرياضية التي لم تلقَ قبولاً عند السكان، خاصة بعد أحداث دامية شهدتها المحافظة.بدأت الحملة، التي دفعت بها مجموعة من الناشطين من أبناء السويداء داخل المحافظة وفي المهجر، بجمع توقيعات إلكترونية تلتها مراكز حقيقية لجمع التوقيعات في مدن وبلدات المحافظة
. وفقا لمصادر محلية في السويداء، فإن عدد مراكز جمع التوقيعات وصل إلى حوالي 19 مركزاً في مدينة السويداء نفسها، وتشارك في الحملة حوالي ألفي متطوع، مع دعم أمني من قوى محلية للقيام بحماية وتنظيم فعاليات جمع التوقيعات. وتتيح الحملة للسكان التعبير عن موقفهم من خلال استفتاء شعبي يطالب به الأهالي المجتمع الدولي بدعمه، ويتضمن الخيارات بين الاستقلال الكامل، والحصول على إدارة ذاتية، أو تطبيق اللّامركزية كحلول محتملة لأزمة المحافظة.
ويعبر المحامي والخبير القانوني أيمن شيب الدين عن أن “السويداء بعد الإبادة لم تعد كما كانت، وأن أبناء المنطقة يسعون بقوة للتمتع بحق تقرير المصير، والعدالة الديموقراطية التي تتيح لهم اختيار مستقبلهم بحرية من دون فرض إرادات خارجية”.
ويشير إلى أن الحملة هدفها دفع الأهالي إلى التعبير عن رأيهم بشكل حر وديمقراطي، وهو أمر لم يكن متاحاً في السابق بشكل واضح بعد سنوات من القمع والاشتباكات.من جهتها، لم تصدر السلطات السورية في دمشق أي تعليق رسمي على حملة جمع التوقيعات، في حين جاء الرد الأميركي عبر المبعوث الخاص توم براك مؤيداً لخريطة الطريق التي طرحها اجتماع دمشق الثلاثي بين وزير خارجية الأردن، ووزير الخارجية السوري، والمبعوث الأميركي، مؤكداً أن الحل في السويداء يحتاج إلى تعاون إقليمي ودولي.ويوضح مراقبون أن مطالب الاستقلال التام أو Lالانفصال بين السكان ما تزال غير موحدة الرأي، إذ هناك مخاوف من تداعيات إقامة كيان منفصل عنها، في حين يرفض آخرون بشكل قاطع عودة العلاقة مع دمشق بعد الأحداث العنيفة التي شهدتها المحافظة، معتبرين أن الحل الوحيد للسلام والاستقرار هو عبر انفصال كامل أو إدارة ذاتية كاملة.أما من الناحية الأمنية، فقد تم تعيين سليمان عبد الباقي، القريب من دمشق، لإدارة ملف الأمن في السويداء، في إطار محاولات الدولة لضبط الوضع ومحاولة إنهاء الأزمات، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار التوترات والصراعات المحلية التي أدت إلى خلق حالة من الخوف وعدم الاستقرار.يُشار إلى أن الحملة تعكس تحولات جذرية في محافظة السويداء، التي تعرضت لأحداث دامية راح ضحيتها العديد من المدنيين، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وزيادة رغبة السكان في الانفصال أو الحصول على حكم ذاتي بعيداً عن دمشق التي تفتقد الثقة هناك.يبدو أن مستقبل محافظة السويداء سيشهد مزيداً من التحركات الشعبية والسياسية المطالبة بحق تقرير المصير، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام نقاشات قانونية وسياسية داخلية ودولية حول مستقبل هذه المنطقة التي تحوي تركيبة اجتماعية فريدة وسط الأزمة السورية المستمرة.










