شهدت محافظة السويداء السورية، ذات الأغلبية الدرزية، أول عرض عسكري علني لـ”قوات الحرس الوطني الدرزي”، في حدث يُعد سابقة منذ بدء تشكّل هذا التشكيل العسكري الجديد الذي أُعلن عنه رسميًا في أغسطس 2025. وجاء العرض وسط ساحة رئيسية في المدينة، بمشاركة مئات العناصر المدججين بالسلاح، وبحضور شخصيات دينية ومحلية بارزة.
خلفية التشكيل:
“قوات الحرس الوطني الدرزي” هي مظلة عسكرية جديدة تضم عشرات الفصائل المحلية التي كانت تعمل سابقًا بشكل متفرق في محافظة السويداء وجبل العرب (جبل الدروز).
وقد تم الإعلان عن تشكيلها رسميًا في 23 آب/أغسطس 2025، عقب أسابيع من التوترات الأمنية المتزايدة، وحالة الفراغ الأمني التي خلّفها الانسحاب الجزئي للقوات الحكومية السورية من بعض المواقع جنوب البلاد.
المرجعية الدينية والسياسية:
التشكيل يخضع لإشراف مباشر من الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الذي يحظى بقبول واسع داخل أوساط الطائفة.
وتُعد هذه القوات، بحسب القائمين عليها، بمثابة “قوة دفاع محلية” هدفها حماية المجتمع الدرزي وهويته، في مواجهة أي تهديد خارجي، سواء من قبل جهات حكومية، تنظيمات مسلحة، أو أطراف إقليمية.
الأهداف المعلنة للحرس الوطني:
حماية جبل العرب وصون الهوية “المعروفية” (التوحيدية الدرزية).
توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة موحدة لضبط الملف الأمني في المحافظة.
الحفاظ على استقلالية القرار المحلي في السويداء، دون خضوع مباشر لسلطة دمشق المركزية.
دلالات العرض العسكري:
يحمل العرض العسكري رسالة رمزية قوية تتجاوز الطابع التنظيمي أو الأمني، إذ يؤكد على انتقال الفصائل المحلية في السويداء إلى مرحلة جديدة من التنسيق والعمل الجماعي تحت قيادة موحدة.
كما يُنظر إلى العرض على أنه إعلان واضح عن نية هذه القوات إدارة الشأن الأمني المحلي بمعزل عن السلطة المركزية، في وقت يشهد فيه الجنوب السوري تحولات حساسة على المستويين الأمني والسياسي.
ردود الفعل:
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة السورية بشأن العرض أو تشكيل الحرس الوطني. إلا أن مراقبين يعتبرون ما جرى مؤشرًا على تنامي النزعة الاستقلالية لدى بعض المكونات المحلية، خاصة في ظل شعور متزايد بالتهميش والانفصال عن قرارات الدولة المركزية.
في ظل الفراغ الأمني والصراعات المعقدة جنوب سوريا، يبدو أن محافظة السويداء تتجه نحو نموذج إدارة ذاتية محلية، يقوده فاعلون دينيون وعسكريون محليون. ويبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه التجربة ستؤسس لحالة استقرار، أم أنها ستفتح بابًا جديدًا من المواجهات والتحديات في منطقة لم تهدأ منذ سنوات.










