في مشهد جماهيري ضخم، أحيا “حزب الله” اللبناني اليوم السبت الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينه العام السابق حسن نصرالله، الذي قتل في 27 سبتمبر 2024 في غارة إسرائيلية جوية استهدفت منشأة تحت الأرض في ضاحية بيروت الجنوبية، في واحدة من أكثر الضربات دموية وتأثيرا على الحزب منذ تأسيسه.
وقد احتشد الآلاف من مناصري الحزب في محيط ضريح نصرالله في منطقة طريق المطار، رافعين رايات الحزب الصفراء، وأعلام لبنان وإيران، وصورا ضخمة لنصرالله وخليفته هاشم صفي الدين الذي اغتيل بدوره بعد أسبوع من اغتيال نصرالله.
نعيم قاسم يتعهد: “لن نترك الساحات ولن نتخلى عن السلاح”
وخلال المراسم التي نظمت وسط إجراءات أمنية مشددة وتحليق مكثف للطيران الإسرائيلي المسير فوق بيروت، ألقى الأمين العام الحالي لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم كلمة عبر الشاشة، أكد فيها استمرار نهج المقاومة، قائلا: “نحن حملة الأمانة، حملة الإسلام والمقاومة وتحرير فلسطين… لن نتخلى عن السلاح ولن نسمح بنزعه”.
وأضاف قاسم أن مقتل نصرالله كان لحظة مفجعة، لكنها عززت التمسك بالنهج المقاوم: “رحيلك مفجع لكن نورك ساطع… غادرت الدنيا فأشرقت وأصبحت أكثر حضورا… زرعت فلسطين في قلوبنا فأينع الزرع مقاومة صلبة”.
وأشار إلى أن الحزب واجه “حربا عالمية بالأداة الإسرائيلية والدعم الأميركي والأوروبي”، متهما إسرائيل بمحاولة “إنهاء المقاومة” ضمن ما وصفه بـ”مشروع إسرائيل الكبرى”.
استعراض للقدرة والاستمرارية
واعتبر قاسم أن التشييع “المليوني” لنصرالله وصفي الدين، والنجاح الانتخابي الذي وصفه بـ”اللافت”، يؤكد قدرة الحزب على التعافي رغم الخسائر. كما أشار إلى الزحف الشعبي من الجنوبيين إلى القرى الحدودية كدليل على ارتباط الناس بالمقاومة رغم الدمار.
وتحدث قاسم بثقة عن مستقبل الحزب قائلا: “نعيش زمن الانتصارات. فإذا استشهدنا انتصرنا. نهجك يا نصرالله خالد، وقتلوا جسدك لكن تحررت روحك وأصبحت حيا فينا”.
حضور إيراني رسمي
وقد حضر علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الاحتفال الرسمي، ما يعكس دعم طهران المتواصل لحزب الله، حتى بعد الضربات القاسية التي تلقاها خلال الحرب مع إسرائيل.
تداعيات الاغتيال وتحديات ما بعد الحرب
اغتيال حسن نصرالله، الذي قاد الحزب لأكثر من ثلاثة عقود، شكل ضربة قاصمة لـ”حزب الله” على المستويين السياسي والعسكري. فقد كان ينظر إليه كمهندس مشروع التوسع الإقليمي للحزب، ومطلق شعار “زمن الانتصارات”.
ومع تراجع البنية القيادية بعد مقتله، تواجه قيادة الحزب الجديدة ضغوطا داخلية وخارجية، من بينها خطة الجيش اللبناني لسحب سلاح الحزب تدريجيا، بدءا من المنطقة الحدودية مع إسرائيل.
ورغم هذه الضغوط، فإن المشهد الشعبي اليوم في الضاحية الجنوبية، والخطاب الحماسي لنعيم قاسم، يعكسان إصرار الحزب على التمسك بخياراته، ما ينذر بأن مرحلة ما بعد نصرالله لن تكون أقل حدة من التي سبقتها.










