في خطوة قضائية غير مسبوقة داخل سوريا، أعلن قاضي التحقيق السابع في العاصمة دمشق، المستشار توفيق العلي، اليوم السبت، عن إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، على خلفية اتهامات تتعلق بأحداث مدينة درعا في عام 2011، التي كانت الشرارة الأولى لانطلاق الانتفاضة الشعبية ضد النظام السوري.
الاتهامات الموجهة:
ووفقًا لتصريحات القاضي العلي لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فإن المذكرة تتضمن تهمًا بالقتل العمد، والتعذيب المؤدي إلى الوفاة، وحرمان الحرية.
وبيّن القاضي أن هذه التهم ترتبط بشكل مباشر بعمليات القمع والقتل التي جرت في درعا بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وذلك استنادًا إلى شكوى قانونية تقدّم بها ذوو ضحايا تلك الأحداث.
تدويل القضية:
وأشار القاضي العلي إلى أن إصدار المذكرة يمهد لتعميمها عبر الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، ما يفتح الباب أمام متابعة الأسد على المستوى الدولي، بالتوازي مع قضايا أخرى مفتوحة ضده في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية.
السياق الدولي:
تأتي هذه الخطوة السورية بعد أسابيع من تصعيد قضائي غربي ضد بشار الأسد، إذ كانت السلطات القضائية في فرنسا قد أصدرت في2 سبتمبر 2025 مذكرة توقيف بحق الأسد على خلفية مقتل صحافيين فرنسيين في سوريا عام 2012، وذلك ضمن تحقيقات تتعلق بجرائم ضد الإنسانية.
كما سبق لمحكمة التمييز الفرنسية – أعلى هيئة قضائية في البلاد – أن ألغت مذكرة توقيف صادرة في نوفمبر 2023 ضد الأسد بشأن هجمات كيماوية في الغوطة عام 2013، بسبب “حصانة الرؤساء أثناء توليهم مناصبهم”، لكنها أكدت في الوقت ذاته إمكانية مقاضاته بعد مغادرته السلطة.
وكان الأسد قد أُطيح من الحكم في ديسمبر/كانون الأول 2024، عقب سلسلة من الانهيارات العسكرية والسياسية في الداخل السوري، ليُعلن بعدها لجوؤه إلى روسيا حيث يقيم حتى الآن تحت حماية مشددة، وفق تقارير متطابقة.
وتعد هذه المذكرة أول تحرك قضائي رسمي من داخل سوريا ضد الرئيس السابق، في تحول لافت في موقف القضاء السوري، الذي كان يُنظر إليه طويلاً كذراع من أذرع النظام. كما أنها تُسلّط الضوء مجددًا على الجرائم المرتكبة خلال سنوات الحرب، وتعيد ملف محاسبة الأسد إلى الواجهة الإقليمية والدولية.
التبعات المحتملة:
قد تمهد المذكرة لتعاون دولي بين القضاء السوري والجهات الأوروبية المعنية، رغم الغموض المحيط بإمكانية تنفيذها فعليًا في ظل وجود الأسد في روسيا.
تشير إلى تغيّر محتمل في بنية السلطة داخل سوريا بعد الإطاحة بالنظام السابق.
تضيف مزيدًا من الضغط على الدول المترددة في إعادة العلاقات مع دمشق، خصوصًا مع تزايد القضايا القضائية الدولية.










