تم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد شهور من التصعيد العسكري والمعاناة الإنسانية، ليشكل نقطة تحول حاسمة في مسار الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية برعاية دولية وعربية غير مسبوقة
خلفية الصراع ومجهودات الوسطاء
منذ اندلاع تصعيد عسكري حاد في غزة استمر عدة أشهر، تجاوزت الأوضاع الإنسانية حافة الكارثة مع آلاف الضحايا وعشرات آلاف النازحين
. وسط إغلاق متكرر للمعابر وشحّ الخدمات، نشطت وساطات إقليمية وعالمية، إذ لعبت مصر وقطر والولايات المتحدة دوراً مفصلياً في تقريب وجهات النظر ودفع الطرفين للتفاوض
.وصل الوسطاء إلى خطة من ثلاث مراحل، أبرز نقاطها وقف فوري لإطلاق النار، وتبادل الأسرى، والبدء بإجراءات انسحاب إسرائيلي تدريجي من داخل القطاع، ثم الدخول في مسار إعمار طويل الأمد
.بنود الاتفاق الأساسيةينص الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع كبداية، تتبعها خطوات عملية تشمل:إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين مقابل دفعات كبيرة من الأسرى الفلسطينيين
.انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من المناطق السكنية المأهولة، مع الحفاظ على تواجد محدود ومحدد على الحدود
.دخول مساعدات إنسانية بكميات مضاعفة، وعودة تدريجية للنازحين الفلسطينيين إلى منازلهم شمال وجنوب القطاع
.بدء جلسات مفاوضات جديدة خلال المرحلة الأولى حول اتفاق دائم لوقف العمليات العدائية، وتحريك ملفات إعادة الإعمار ورفع الحصار
.بحث مسألة نزع سلاح الفصائل وضمانات دولية مستمرة للتنفيذ
.ردود الأفعال الأوليةلقي الاتفاق ترحيباً حذراً من المجتمع الدولي، حيث اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن الفرصة الآن “لا تحتمل التأجيل لإنهاء حرب غزة”
. أشاد الرئيس الفرنسي بالمبادرة واعتبرها “فرصة حقيقية لحسم تقدم السلام” بينما دعت ألمانيا وإيطاليا لإطلاق الرهائن فوراً. كما عبرت أطراف عربية عن دعمها، وأشادت مصر بـ”تضافر الدبلوماسية لإنقاذ الشعب الفلسطيني”
. من الجانب الأميركي، دعا الرئيس ترامب لإجراءات سريعة وتوعد بالمشاركة في رقابة التنفيذ، كما لمح لزيارة قريبة للمنطقة تأكيداً على انخراط واشنطن المباش
وعلى صعيد الشارعين العربي والفلسطيني، تفاوتت ردود الفعل بين ترحيب حذر بالتهدئة والخوف من الفشل كسيناريوهات هدنة سابقة، بالإضافة إلى ارتفاع سقف التوقعات حول إغاثة غزة ورفع الحصار والبدء الفعلي بإعادة الإعمار
.أبرز تحديات التنفيذبالرغم من الأجواء الإيجابية المحيطة بالاتفاق، لا تزال هناك تحديات حقيقية أمام تحقيق استدامة وقف النار:صعوبة تنفيذ ترتيبات تبادل الأسرى وسط ضغوط داخلية على حكومة إسرائيل وفصائل غزة
.احتمال ظهور اعتراضات قانونية وسياسية، خاصة من التيارات المتطرفة الرافضة للحلول الوسط داخل إسرائيل
.التخوف من انهيار التفاهمات الميدانية على الأرض بسبب الاستفزازات أو الاختراقات الأمنية
.تحدي بدء إعمار غزة مع وجود حصار جزئي واعتماد كبير على التمويل الدولي والرقابة المشددة على المساعدات
.السيناريوهات المستقبليةإذا سارت الأمور بحسب الاتفاق، يتوقع:البدء السريع بإجراءات إعادة الإعمار بدعم عربي ودولي موسع، وخلق فرص عمل جديدة في القطاع
.فتح مشهد سياسي جديد سواء بمفاوضات مصالحة فلسطينية داخلية أو بحث ترتيبات أمنية وإدارية للقطاع.اختبار نوايا المجتمع الدولي، وسط مطالب بمواكبة التنفيذ بقرارات وضمانات بعيدة المدى تحول دون انهيار التفاهمات مستقبلاً
.يلخص اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لحظة مفصلية قد تؤسس لسلام هش أو تشعل جولة جديدة تعتمد على التزام الطرفين والضغوط الدولية، فيما تترقب الأنظار التنفيذ العملي والأيام القادمة للحُكم على صلابة الهدنة التاريخية










