شهد ملف سد النهضة الإثيوبي تصعيدًا حادًا في الأسابيع الأخيرة، مع صدور تهديدات مباشرة من القيادة المصرية وتحذيرات رسمية غير مسبوقة بشأن انعكاسات التصرفات الأحادية الإثيوبية على أمن مصر المائي، خاصة بعد موجة فيضانات مفاجئة ضربت مناطق في السودان ومصر نتيجة عمليات تصريف مياه غير منسقة من السد الإثيوبي. ويأتي هذا التصعيد في ظل فشل المفاوضات ورفض إثيوبيا توقيع أي اتفاق قانوني ملزم لتنظيم الملء والتشغيل الطويل الأمد للسد
.تحذيرات القيادة المصريةأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي بشكل حاسم أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استمرار النهج الإثيوبي الأحادي في إدارة سد النهضة، مؤكدًا أن القاهرة ستتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية أمنها المائي وحقوقها التاريخية في نهر النيل
. وأشار السيسي في تصريحاته العلنية أن الخيار الدبلوماسي الذي انتهجته مصر لا يمثل ضعفًا أو تراجعًا، بل يعكس قوة الموقف المصري وإيمانه بأن الحوار هو السبيل الأمثل، إلا أن التصرفات الأحادية لإثيوبيا تعتبر انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية وتهديدًا مباشرًا لمصالح شعوب حوض النيل
.تداعيات فيضانات السد على مصر والسودانشهدت الأيام الماضية ارتفاعا غير مسبوق في منسوب مياه النيل في مصر والسودان، بعد عمليات تصريف ضخمة من سد النهضة دون تنسيق مع دولتي المصب، حسبما أكدت الحكومة المصرية ووزراء الري السابقون. تسبب ذلك في غرق آلاف الأفدنة الزراعية في السودان وارتفاع منسوب المياه في محافظات مصرية، واضطرت القاهرة إلى فتح مفيض توشكي لاستيعاب كميات المياه الهائلة
التحليل الفني الذي قدمه خبراء المياه والسياسة أكد أن خطورة السد لم تعد مجرد تعطيش مصر في مواسم الجفاف، بل امتدت إلى احتمال إغراق مصر والسودان بفيضانات اصطناعية نتيجة التحكم المطلق لإثيوبيا في بوابات تصريف المياه
انتقادات رسمية ودراسات تحذيريةوزير الموارد المائية والري المصري شدد على أن موقف الدولة لم يتغير ولن يُسمَح بالمساس بحصة مصر من المياه أو تهديد حياة المصريين، مضيفًا أن باب المفاوضات أغلق بالكامل وأن الجانب الإثيوبي يتمادى في التعنت والانتهاك الصريح للقانون الدولي
يرى خبراء الري أن الطريقة الإثيوبية في إدارة السد تتسم بالعبث والتهور، وتسببت في إرباك حسابات نظام نهر النيل، خاصة أثناء فيضان النيل الأزرق.من جانب آخر، ظهرت تحذيرات بشأن مخاطر تقنية وهندسية، حيث أقيم السد على فالق زلزالي وتربة رخوة، مما ينذر بإمكانية حدوث زلازل طبيعية أو كوارث صناعية خطيرة قد تهدد مصر والسودان أكثر فأكثر مع استمرار التصعيد الإثيوبي غير المنضبط
رسائل دولية وإقليميةالقاهرة طالبت بتحرك دولي وإفريقي يُلزِم إثيوبيا باتفاق قانوني حول تشغيل السد، واعتبرت أن التعنت الإثيوبي مدفوع باعتبارات سياسية ضيقة ولا يراعي الحقوق ولا مصلحة الاستقرار الإقليمي
. كما اتهمت مصر أطرافًا خارجية – بينها إسرائيل وشركاؤها – بالتورط في دعم إثيوبيا فنيًا واستخباراتيًا لإعادة رسم موازين القوى المائية في المنطقة، واستخدام السد كورقة ضغط استراتيجية ضد القاهرة
على الجانب الإثيوبي، نفت أديس أبابا الاتهامات المصري واعتبرتها “ضارة وكاذبة”، فيما تفاقم الخلاف مع تكرار أزمات تصريف المياه وغياب تعاون واضح في إدارة الموارد بين الدول الثلاث










