شهدت مدينة همدان الإيرانية موجة من الاحتجاجات الشعبية أمام جامعة “بوعلي سينا” عقب تقارير ومقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بـ”سلوك مسيء وغير لائق” نسب لبعض الطلاب العراقيين، خاصة تجاه الطالبات الإيرانيات، مما أثار ردود فعل غاضبة وسط السكان والطلبة.
شعارات واحتجاجات ميدانية
في الفيديوهات المنتشرة، هتف المحتجون بشعارات منها: “نحن همدان، لن نقبل الذل”، في تعبير صريح عن رفضهم لما اعتبروه “انتهاكات أخلاقية”، تضمنت حسب روايات طلابية، عروض زواج مؤقت وغير شرعي من قبل بعض الطلاب العراقيين للطالبات الإيرانيات داخل الحرم الجامعي.
تدخل أمني وفرق تفريق التجمهر
رافقت الاحتجاجات قوات أمنية كبيرة، واستخدمت خراطيم المياه لتفريق المتجمعين أمام الجامعة. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات أو اعتقالات حتى لحظة نشر التقرير، إلا أن التوتر الاجتماعي لا يزال مستمرا على الأرض، وفي العالم الافتراضي.
رد رسمي: “الاحتجاجات موجهة من الخارج”
في أول رد رسمي، قال عباس قنبري باغستان، نائب رئيس مكتب التبادل الطلابي بوزارة العلوم، إن ما يجري “تحريض خارجي”، نافيا وجود تجاوزات ممنهجة من الطلاب العراقيين أو انتهاك لحقوق الطلبة الإيرانيين.
وأضاف في مقابلة مع وكالة “فارس” التابعة للدولة:”لم يؤخذ أي مقعد دراسي من الطلاب الإيرانيين بسبب وجود الطلاب الأجانب، وأكثر من 99% من العراقيين يدفعون رسومهم الدراسية كاملة.”
وقال إن لجنة من وزارة العلوم زارت الجامعة للتحقق من الحادثة، لكنها “لم تتلق أي اعتراض رسمي من الكادر الأكاديمي أو اتحاد الطلاب”، مشيرا إلى أن الاتحاد ذاته “أنكر حصول الحادثة”.
حقائق وأرقام: من هم الطلاب الأجانب في إيران؟
بحسب باغستان، يوجد أكثر من 64 ألف طالب أجنبي في إيران، منهم 27 إلى 28 ألفا من العراق، مشيرا إلى أن استقطاب هؤلاء الطلاب هو ضرورة استراتيجية لإيران:”جذب الطلاب من الدول المجاورة يمثل فشلا لمحاولات عزل إيران. لن تضحي أي جامعة مرموقة بسمعتها مقابل بضعة دولارات.”
ورغم هذا التأكيد، يشكو عدد من الطلاب الإيرانيين من تمييز في السكن والخدمات لصالح الطلبة الأجانب، وهو ما نفاه باغستان قائلا إن الأولوية دائما للطلاب الإيرانيين في السكن والدعم الحكومي.
خلفية: تكرار الجدل حول الطلاب العراقيين والحشد الشعبي
جدل استقطاب الطلاب العراقيين ليس بجديد. ففي يوليو 2023، احتج طلاب جامعة طهران على قبول عناصر من قوات الحشد الشعبي العراقية كطلاب جامعيين، معتبرين الأمر “عسكرة للجامعة” و”خطوة خطيرة ضد استقلالها الأكاديمي”.
وكان حسين موسوي بختي، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي للتعليم، قد أعلن حينها عن اتفاق مع جامعة طهران لإرسال عناصر من الحشد كـ”طلاب جامعيين”، ما أثار حفيظة الأوساط الطلابية داخل إيران.
تحليل وتداعيات
رغم التصريحات الرسمية التي تقلل من شأن الأزمة، فإن الاحتجاجات الشعبية والإعلامية تكشف عن فجوة متزايدة في الثقة بين المواطنين والمؤسسات، لا سيما في قضايا تمس الهوية الثقافية والدينية والعلاقات مع دول الجوار.
كما يعيد هذا الحدث النقاش حول أولويات النظام في التعليم العالي، ومدى تأثير السياسات الإقليمية على الحرم الجامعي الإيراني.
بين نفي رسمي واحتجاج شعبي، يبقى الجدل حول حضور الطلاب العراقيين، خاصة أولئك المرتبطين بالحشد الشعبي، مسألة مشحونة بالعاطفة والسياسة في آن واحد. وقد تمثل هذه الحادثة جرس إنذار للسلطات بمراجعة سياسات القبول ومعايير الاستيعاب، قبل أن تتحول الجامعات إلى بؤر توتر دائم.










