شنت قوات الأمن السورية، صباح الثلاثاء، عملية أمنية موسعة في ريف إدلب الغربي استهدفت “مخيم الفرنسيين” قرب بلدة حارم، معقل كتيبة “فرقة الغرباء” التي تضم عشرات المقاتلين الأجانب الناطقين بالفرنسية، وعلى رأسهم الجهادي الفرنسي السنغالي عمر ديابي، المعروف باسم عمر أومسن.
وتأتي هذه العملية بعد تهديدات أمنية متصاعدة من داخل المخيم، وبتنسيق يُرجح أنه تم مع السلطات الفرنسية، حيث تستهدف الحملة توقيف عدد من المقاتلين الفرنسيين المطلوبين بتهم تتعلق بالإرهاب والانتماء لتنظيمات جهادية.
اشتباكات واعتقالات
وذكرت وكالة فرانس برس، نقلًا عن مصادر أمنية، أن قوات الأمن المحلية طوقت المخيم بشكل كامل واندلعت اشتباكات بين الطرفين بعد رفض بعض المقاتلين تسليم أنفسهم.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من الطرفين، إلى جانب اعتقال عدد من الجهاديين الفرنسيين.
كما أفادت مصادر ميدانية بتحليق طيران مسير مجهول فوق المنطقة خلال العملية، فيما أطلق المقاتلون الفرنسيون نداء استغاثة (فزعة) لمساندتهم من قبل مقاتلين أجانب آخرين في إدلب.
انضمام الأوزبك .. تهديد بانتفاضة المهاجرين
في تصعيد خطير، بثّ عدد من المهاجرين الأوزبك شريطًا مصورًا أعلنوا فيه استعدادهم لدعم المهاجرين الفرنسيين بالسلاح والرجال، وسط تقارير عن حالة استنفار وتأهب في مواقع تضم مقاتلين أجانب في مناطق متفرقة من إدلب.
وأكدت مصادر محلية أن قوات الأمن تسعى للسيطرة الكاملة على المخيم ومنع توسع الاشتباكات إلى مناطق أخرى في شمال إدلب، وسط توتر شديد وخوف من انتفاضة محتملة للمهاجرين ضد حكومة الإنقاذ المدعومة من هيئة تحرير الشام.
أهداف العملية
وفقًا لمصادر في وزارة الداخلية التابعة لـ”الحكومة الانتقالية”، فإن العملية تهدف إلى اعتقال عمر أومسن وإنهاء نفوذه الكامل داخل إدلب، إلى جانب تفكيك كتيبة “فرقة الغرباء” وتسليم قياداتها وعناصرها المطلوبين إلى فرنسا.
كما أشار المرصد السوري إلى أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع كان قد أبلغ فرنسا، خلال لقاءات سابقة، بالتزامه بتسليم الجهاديين الفرنسيين على مراحل، مع تعهد مماثل لروسيا بشأن المقاتلين الروس والشيشانيين.
“فرقة الغرباء”.. الكتيبة الفرنسية الجهادية في سوريا
تعد “فرقة الغرباء”، التي تأسست عام 2013، إحدى أخطر الكتائب الأجنبية في سوريا، وتتألف من نحو 150 مقاتلاً ناطقًا بالفرنسية، بينهم أكثر من 70 فرنسيًا، يقيمون مع عائلاتهم في “مخيم الفرنسيين” قرب الحدود التركية.
يقود الجماعة عمر أومسن، البالغ من العمر 54 عامًا، والمصنف على لوائح الإرهاب الدولية. وتتهمه الحكومة الفرنسية بتجنيد نحو 80% من الجهاديين الفرنسيين الذين قاتلوا في سوريا والعراق، عبر الإنترنت وخطب تعبئة.
ورغم بدايتها ككتيبة ضمن جبهة النصرة، فإن الفرقة انفصلت لاحقًا لتنضم إلى تنظيم “حراس الدين” المرتبط بتنظيم القاعدة، وشاركت في عدة معارك ضد القوات الحكومية السورية، خاصة في جبل الزاوية.
توتر داخلي وصدامات سابقة
سبق أن اعتقلت هيئة تحرير الشام عمر أومسن عام 2020 بسبب خلافات متعلقة برفضه تسليم أطفال فرنسيين لأهاليهم، مثل قضية الطفلة “ياسمين”، واحتُجز حينها لـ17 شهرًا.
كما تواجه “فرقة الغرباء” اتهامات بـ الاحتجاز القسري والتعذيب والانتهاكات الداخلية، وسط تقارير عن انقسامات وصراعات بين قياداتها، وتهديدات بكشف ملفات خطيرة تتعلق بإدارة أومسن للجماعة.

ردود الجماعة: “خطة للتصفية”
أصدرت “فرقة الغرباء” بيانًا رسميًا اتهمت فيه الحكومة الانتقالية بالتواطؤ مع التحالف الدولي وفرنسا في “خطة لتصفية المهاجرين الأجانب”، واعتبرت أن البدء بالمهاجرين الفرنسيين مقدمة لضرب الجماعات الأخرى لاحقًا.
تحليل: بداية تفكيك الكتائب الأجنبية في إدلب؟
تشير المعطيات الميدانية إلى أن الحملة الجارية قد تكون بداية تحرك واسع لتصفية وجود المقاتلين الأجانب في إدلب، خصوصًا بعد تنامي الضغوط الدولية على حكومة الإنقاذ وهيئة تحرير الشام لتقييد الجماعات الأجنبية المسلحة.
كما يُرجح أن يكون التنسيق الأمني مع دول مثل فرنسا وروسيا جزءًا من محاولات إعادة ترتيب الخارطة الأمنية في إدلب تمهيدًا لتسويات سياسية أو ضغط ميداني من قبل النظام السوري وحلفائه.









