في تطور عسكري خطير يعمّق الأزمة السودانية، أعلنت قوات الدعم السريع اليوم الأحد سيطرتها الكاملة على مقر قيادة الجيش السوداني في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تعدّ آخر معقل رئيسي للقوات المسلحة في الإقليم الغربي المضطرب.
ويأتي هذا الإعلان بعد حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع على المدينة لما يقرب من ثمانية عشر شهرًا، في ظل معارك عنيفة ضد الجيش السوداني ومقاتلين محليين وفصائل متمردة سابقة. ولم يصدر الجيش حتى الآن بيانًا رسميًا يوضح الموقف الميداني أو يردّ على إعلان الدعم السريع.
خلال الحصار، تعرضت المدينة التي ما زال يقطنها نحو 250 ألف نسمة لأوضاع إنسانية مأساوية، إذ أدت الضربات الجوية والمدفعية وهجمات الطائرات المسيّرة إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين، بينما تسببت القيود على الإمدادات الغذائية والطبية في تفاقم المجاعة داخل المدينة.
ويُنظر إلى سقوط الفاشر، ذات الرمزية السياسية والعسكرية، كتحول حاسم في مسار الحرب الدائرة، إذ يمكّن قوات الدعم السريع من بسط سيطرتها الكاملة تقريبًا على إقليم دارفور مترامي الأطراف، واتخاذه قاعدة لإدارة ما وصفته مصادر ميدانية بـ”حكومة موازية” كانت القوة شبه العسكرية قد أعلنتها خلال الصيف الماضي.
وتحذّر منظمات حقوقية وناشطون محليون من أن السيطرة على المدينة قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من الانتهاكات ذات الطابع العرقي، على غرار ما حدث عقب سقوط مخيم زمزم جنوب الفاشر، حيث وثّقت تقارير عمليات قتل ونهب واغتصاب جماعي.
وكانت قوات الدعم السريع قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها “تسهّل خروج المدنيين والمقاتلين المستسلمين”، غير أن شهود عيان أكدوا وقوع أعمال سلب واعتداءات جنسية وجرائم قتل على الطرق المؤدية إلى خارج المدينة.
وفي تقرير صدر الشهر الماضي، اتهمت بعثة الأمم المتحدة في السودان قوات الدعم السريع بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” خلال حصارها للفاشر، في حين وُجّهت أيضًا اتهامات مماثلة للجيش السوداني بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين في مناطق أخرى من دارفور.
ويثير سقوط الفاشر مخاوف متزايدة من انزلاق السودان نحو تقسيم فعلي بين مناطق نفوذ عسكرية متناحرة، في ظل غياب أي أفق سياسي لإنهاء الحرب التي أحرقت البلاد منذ أبريل 2023








