نفى مسؤول باكستاني رفيع المستوى، في تصريحات رسمية، الادعاءات التي روجت لها بعض الأوساط المقربة من التنظيمات المتطرفة حول تدخل المخابرات التركية في منع صدام محتمل بين باكستان وحكومة طالبان في أفغانستان. واعتبر المسؤول هذه المزاعم “مضللة وخبيثة” تهدف إلى تشويه الحقائق وتزوير الواقع.
وفي حديثه لموقع “The Khorasan Diary”، أكد المسؤول الباكستاني أن “تركيا، مثل قطر، تقوم بدور الوسيط المحايد بين الأطراف المختلفة”، مشددا على أن “أي محاولة لتصوير الوسطاء بأنهم منحازون لطرف دون آخر هي محاولة مغرضة ومخالفة للواقع”. وأضاف أن “العلاقات بين باكستان وتركيا قائمة على التعاون المتبادل والاحترام ولا تتضمن أي تدخل في الشؤون الداخلية”.
كما رد المسؤول على مزاعم التدخل التركي في الشؤون الداخلية قائلا: “موقفنا ثابت لا يتزعزع، ونحن كدولة وشعب وأجهزة إنفاذ القانون والحكومة جميعا نقف صفا واحدا في مواجهة أي تهديدات للأمن القومي”. وأكد أن باكستان تمتلك الإرادة والقدرة على الرد على أي تهديدات أو مغامرات تهدد مصالحها الوطنية على جميع الأصعدة، سواء كانت أمنية أو اقتصادية أو سياسية.
التوترات بين باكستان وطالبان:
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة بين حركة طالبان وحكومة باكستان، خاصة بعد تصاعد الهجمات التي تنسبها إسلام آباد إلى حركة “تحريك طالبان باكستان”، التي تنشط في الأراضي الأفغانية. ويعمل كل من تركيا وقطر على لعب دور الوسيط لتخفيف حدة التوترات بين الجانبين، وسط ضغوط إقليمية ودولية لتجنب تصاعد الصراع، والذي قد يؤدي إلى تهديد استقرار منطقة جنوب آسيا.
وفي هذا السياق، أكدت الحكومة الباكستانية خلال محادثات الدوحة مع طالبان على ضرورة إنشاء “آلية مراقبة قابلة للتحقق”، وهي خطوة تهدف إلى تمكين باكستان من مراقبة حركة الأفراد والجماعات الإرهابية عبر الحدود الأفغانية الباكستانية. لكن طالبان، وفق المراقبين، من غير المرجح أن تقبل بإنشاء هذه الآلية لعدة أسباب.
العراقيل أمام “الآلية القابلة للتحقق”:
تتمحور أبرز العراقيل حول أربعة مطالب رئيسية:
الاعتراف بخط دوراند: يشترط هذا المطلب أن تقبل طالبان بوجود حدود رسمية تفصل بين أفغانستان وباكستان، وهو ما ترفضه طالبان بشكل قاطع، خاصة في ظل كون هذه الحدود غير معترف بها من قبل الحركة.
التهريب عبر الحدود: يطلب من طالبان قطع العلاقات مع المهربين عبر خط ديوراند، وهي علاقات تجني الحركة منها ملايين الدولارات سنويا. طالبان، التي تستفيد اقتصاديا من هذه التجارة غير المشروعة، لن تتخلى عنها بسهولة.
التعامل مع “تحريك طالبان باكستان”: يجب على طالبان منع دخول عناصر حركة طالبان باكستان إلى أفغانستان. بما أن طالبان تعتبر هذه الحركة حليفا استراتيجيا، فإنها لن تتخلى عنها، إذ تعتبرها جزءا من قوتها في مواجهة الحكومة الباكستانية.
حساسيات عرقية: يتضمن المطلب الرابع اعتراف طالبان بتقسيماتها العرقية على جانبي الحدود، مما يتطلب منها اتخاذ مواقف قد تضر بعلاقاتها مع البشتون على الجانب الباكستاني. هذا المطلب يشكل تحديا كبيرا لطالبان، لأنها بحاجة إلى دعم هذه الجماعات العرقية في المستقبل.
التوقعات المستقبلية:
في ظل هذه التحديات، من غير المرجح أن تقبل طالبان بالشروط اللازمة لإنشاء “آلية مراقبة قابلة للتحقق”. ولذلك، من المتوقع أن يستمر التوتر بين باكستان وطالبان، وقد يتفاقم في المستقبل.
مع ذلك، تواصل باكستان سعيها لتأكيد سيادتها وقدرتها على التعامل مع هذه التحديات الأمنية والسياسية في المنطقة. ورغم التوترات المتزايدة، فإن العلاقات الثنائية مع تركيا وقطر تبقى محورية في إطار جهود الوساطة التي تهدف إلى استقرار المنطقة.










