أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أن قوات بلاده الجوية اعترضت وأسقطت ثلاث طائرات يشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات عبر البحر الكاريبي، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة، التي تشن عملية عسكرية واسعة ضد شبكات تهريب المخدرات في المنطقة.
وقال مادورو في خطاب بثه التلفزيون الرسمي:“قبل يومين، دخلت طائرة تهريب عبر البحر الكاريبي، ورصدتها قواتنا الجوية في الثانية نفسها. واليوم دخلت طائرتان أخريان من الشمال، ووفقا لقانوننا — بام، بوم، بانغ! — تم اعتراضهما”.
وأضاف أن الطائرات كانت تحمل كميات كبيرة من الكوكايين ومتجهة نحو أمريكا الوسطى، واصفا العملية بأنها “انتصار ضد الإمبريالية الأمريكية”، ومشيرا إلى أن هذه الطائرات “جزء من شبكة تهريب مدعومة أمريكيا لتشويه سمعة فنزويلا”.
الجيش الفنزويلي يدمر معسكرات على الحدود
بالتوازي، أعلن الجيش الفنزويلي تدمير معسكرين لوجستيين تابعين لما وصفهم بـ“تجار مخدرات إرهابيين كولومبيين” في منطقة الأمازون الجنوبية.
وقال الجنرال دومينغو هيرنانديز لاريز على منصة “تلغرام” إن العملية نفذت بمساعدة “وحدة قتال مختلطة”، وصودرت خلالها معدات عسكرية ومنشورات تعود لحركة جيش التحرير الوطني الكولومبية (ELN)، إضافة إلى ذخائر وأجهزة اتصال وسترات واقية.
وأكد هيرنانديز أن فنزويلا “منطقة سلام وعدالة” وأنها “تقاتل يوميا مجموعات الاتجار بالمخدرات التي تحاول استخدام أراضينا لأهدافها غير المشروعة”.
العملية الأمريكية في الكاريبي: مكافحة المخدرات أم ضغط سياسي؟
تزامن الإعلان الفنزويلي مع عملية عسكرية أمريكية متواصلة منذ الصيف الماضي، تشارك فيها آلاف القوات والمروحيات والسفن الحربية، أبرزها حاملة الطائرات “USS Gerald R. Ford”، وهي الأكبر في العالم.
تقول واشنطن إن العملية تستهدف “شبكات المخدرات العابرة للقارات”، لكن كاراكاس تصفها بأنها “غطاء لتصعيد عسكري ضد فنزويلا”.
وبحسب مصادر فنزويلية، نفذت القوات الأمريكية 14 غارة جوية في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ خلال الأسابيع الأخيرة، أسفرت عن مقتل نحو 58 شخصا، وهو ما وصفه مادورو بـ“العدوان السافر”.
عمليات سرية وتوتر استخباراتي
ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) نفذت محاولات سرية داخل فنزويلا خلال الأشهر الماضية، بينها محاولة فاشلة لتجنيد طيار مادورو الشخصي مقابل 50 مليون دولار، وإعادة توجيه طائرة الرئاسة لاعتراضه.
كما صادرت الولايات المتحدة طائرتين حكوميتين فنزويليتين في جمهورية الدومينيكان في فبراير ومايو 2025، بعد الاشتباه في استخدامهما بنقل شحنات غير قانونية.
رد واشنطن: “عملياتنا مشروعة”
نفت وزارة الخارجية الأمريكية اتهامات مادورو، مؤكدة أن العمليات “مخصصة لمكافحة تهريب المخدرات فقط”، بينما لمح الرئيس دونالد ترامب إلى إمكانية “توسيع العمليات لتشمل ضربات محدودة داخل الأراضي الفنزويلية”.
وصرح ترامب أن “الولايات المتحدة لن تتسامح مع أنظمة تمول الإرهاب عبر تجارة المخدرات”، فيما قدمت وكالة الاستخبارات دعما عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة لتعقب الشحنات القادمة من سواحل فنزويلا.
تنديد إقليمي وتحذيرات أممية
نددت حكومات المكسيك وكولومبيا والأرجنتين بالتصعيد العسكري، محذرة من “خطر انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة”.
أما الأمم المتحدة فدعت إلى تحقيق مستقل في الغارات الأمريكية، فيما أكدت روسيا وكوبا دعمهما الدبلوماسي لمادورو، ونفتا أي تورط عسكري مباشر.
تصريحات مادورو تأتي في لحظة توتر حاد بين واشنطن وكاراكاس، وسط حرب روايات متبادلة حول مكافحة المخدرات والسيادة الوطنية.
وبينما تحاول فنزويلا تصوير إسقاط الطائرات كـ“انتصار سيادي”، يرى مراقبون أن التصعيد الأمريكي قد يشكل تمهيدا لمزيد من الضغوط السياسية وربما التدخل المحدود.
في ظل غياب أي وساطة فعالة، يحذر خبراء من أن المنطقة الكاريبية تقف على حافة أزمة أمنية كبرى قد تمتد تداعياتها إلى الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة.










