تقرير “وول ستريت جورنال”: حزب الله يعيد تسلّحه بدعم إيراني ويهدد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل
تقرير وول ستريت جورنال يكشف عن إعادة تسلح حزب الله بدعم من إيران، في تحدٍ لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وسط تصاعد التوترات في الجنوب اللبناني ومخاوف من اندلاع حرب جديدة.
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران تعمل على إعادة بناء ترسانتها العسكرية وصفوفها التي تضررت بشدة، في تحدٍ لبنود اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مما يزيد من احتمالات اندلاع مواجهة جديدة بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والعربية أن حزب الله بدأ في إعادة تزويد مخازنه بالأسلحة، بما في ذلك الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، والأسلحة المضادة للدروع، والمدفعية. وأضافت أن جزءًا من هذه الأسلحة يتم تهريبه إلى لبنان عبر سوريا، باستخدام طرق تهريب قديمة ومرافئ بحرية، في حين بات الحزب ينتج بعض الأسلحة محليًا داخل لبنان.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في تصريحات أدلى بها أمس، 30 أكتوبر، أن “حزب الله يواصل تكثيف جهوده لإعادة الإعمار والتسلح بدعم مباشر من إيران”، مشيرًا إلى أن “سباق التسلح هذا يشكل خطرًا على أمن إسرائيل كما يشكل تهديدًا لمستقبل لبنان”، وأضاف: “لا يمكننا أن ندفن رؤوسنا في الرمال بينما تتطور هذه الأحداث أمام أعيننا”.
توتر متصاعد على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية
تزامن التقرير مع سلسلة من الغارات والعمليات الإسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، وخصوصًا في الجنوب، الأمر الذي دفع الرئاسة اللبنانية إلى اتخاذ موقف أكثر حدة تجاه تل أبيب.
الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي كان في السابق من الداعين إلى تلبية المطالب الإسرائيلية بنزع سلاح حزب الله، أصدر أوامر إلى الجيش اللبناني لمواجهة أي توغلات إسرائيلية في الجنوب، “دفاعًا عن السيادة الوطنية وأمن المواطنين”، بحسب بيان صادر عن الرئاسة.
ويأتي ذلك ردًا على عملية عسكرية نفذتها قوات الدفاع الإسرائيلية (IDF) في بلدة بليدا جنوبي لبنان، أسفرت – بحسب الرواية اللبنانية – عن مقتل موظف بلدي يُدعى إبراهيم سلامة. بينما أعلنت إسرائيل أن العملية كانت “تهدف إلى تدمير بنى تحتية تابعة لحزب الله المدعوم من إيران”.
من جانبه، أعرب حزب الله عن “تقديره لموقف الرئيس عون الذي دعا الجيش إلى مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية”، وحثّ الحكومة اللبنانية على “تقديم الدعم الكامل للقوات المسلحة وتعزيز قدراتها الدفاعية”. كما دعا الحزب حكومة بيروت إلى “تبنّي خطة سياسية ودبلوماسية واضحة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وحماية المواطنين اللبنانيين ومصالحهم”.
اتفاق وقف النار… هشّ ومهدد بالانهيار
ينص اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين حزب الله وإسرائيل في نوفمبر الماضي على نزع سلاح الحزب جنوب نهر الليطاني، في منطقة يبلغ عمقها نحو 30 كيلومترًا وتمتد بمحاذاة الحدود الإسرائيلية.
وقد أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام دعمهما العلني لسياسة “حصر السلاح بيد الدولة”، وتفكيك مواقع حزب الله في الجنوب.
لكن وول ستريت جورنال تشير إلى أن التقدم في تنفيذ الاتفاق بقي محدودًا للغاية خارج تلك المنطقة، خصوصًا في الضاحية الجنوبية لبيروت ووادي البقاع شرق البلاد، حيث لا يزال الحزب يتمتع بسيطرة واسعة ويُبدي مقاومة شديدة لعمليات التفكيك.
وتثير هذه التطورات شكوكًا حول فعالية الجيش اللبناني في تطبيق الاتفاق، إذ تؤكد الخبيرة راندا سليم من معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز أن “الجيش اللبناني ليس مستعدًا ولا راغبًا في مواجهة حزب الله عسكريًا”، مضيفة: “نحن عالقون في منطقة رمادية؛ فالحكومة تقول إنها قررت نزع سلاح الحزب جنوب الليطاني، لكنها لا تمتلك أي خطة واضحة لما بعد ذلك شمال النهر”.
هيكلية جديدة… وتكتيكات الثمانينيات تعود
تشير معلومات استخباراتية نقلتها الصحيفة إلى أن حزب الله يعيد تنظيم صفوفه على أساس هيكل لا مركزي، مشابه لذلك الذي اعتمده في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك للنموذج الذي تتبعه حركة حماس في غزة اليوم.
كما كثّف الحزب جهوده لتجنيد مقاتلين جدد لتعويض خسائره في صفوفه.
وتنقل الصحيفة عن الخبيرة سليم قولها: “حزب الله لا يعتبر نفسه مهزومًا، بل يعتقد أنه قادر على إعادة التنظيم والاستمرار، خصوصًا في ظل وجود داعم إقليمي قوي هو إيران”.
بينما يحاول لبنان الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية الخانقة، تعود البلاد إلى واجهة صراع مسلح يهدد بجرّها مجددًا إلى المجهول.
فالحكومة الضعيفة والجيش المحدود الإمكانات يقفان بين ضغط داخلي من حزب الله ودعم خارجي له من طهران، وبين تهديدات إسرائيلية متزايدة تنذر بانفجار جديد في الجنوب.
في المقابل، يبدو المجتمع الدولي مترددًا ومتفرجًا، تاركًا الحدود اللبنانية – الإسرائيلية على حافة حرب جديدة قد تشتعل في أي لحظة.










